للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِنَاءُ الكَعْبَةِ وَدَرْءُ فِتْنَةٍ عَظِيمَةٍ

الكَعْبَةُ (١) هِيَ أَوَّلُ بَيْتٍ بُنِيَ لِعِبَادَةِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فِي الأَرْضِ، قَالَ تَعَالَى: {إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِلْعَالَمِينَ} (٢).

رَوَى الشَّيْخَانِ في صحِيحَيْهِمَا عَنْ أَبِي ذَرٍّ -رضي اللَّه عنه- قَالَ: قُلْتُ يا رَسُولَ اللَّهِ: أَيُّ مَسْجِدٍ وُضِعَ في الأَرْضِ أَوَّلُ؟ قَالَ: "المَسْجِدُ الحَرَامُ" (٣).

وقَدْ تَعَرَّضَتِ الكَعْبَةُ لِلْعَوَادِي التِي زَعْزَعَتْ بُنْيَانَهَا، وَصَدَّعَتْ جُدْرَانَهَا، وَقَبْلَ بِعْثَةِ النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- بِخَمْسِ سِنِينَ (٤) جَرَفَ مَكَّةَ سَيْلٌ عَرِمٌ انْحَدَرَ إِلَى البَيْتِ الحَرَامِ، فَأَوْشَكَتِ الكَعْبَةُ مِنْهُ عَلَى الِانْهِيَارِ، وكَانَ قَدْ أَصَابَهَا مِنْ قَبْلُ حَرِيقٌ


(١) كلُّ شيءٍ عَلا وارْتَفَعَ فهو كَعْبٌ, ومنه سُمِّيَت الكَعْبَة، للبيتِ الحرامِ، وقيلَ: سُمِّيَتْ به لتَكَعُّبِهَا أي تَرْبِيعِهَا. انظر النهاية (٤/ ١٥٥).
(٢) سورة آل عمران آية (٩٦).
(٣) أخرجه البخاري في صحيحه - كتاب الأنبياء - رقم الحديث (٣٣٦٦) - ومسلم في صحيحه - كتاب المساجد ومواضع الصلاة - رقم الحديث (٥٢٠).
(٤) اختلف في وقتِ بِنَاءِ الكعبةِ، فروى عبد الرزاق في "مصنفه" رقم الحديث (٩١٠٣) عن ابن جريج عن مُجَاهد قال: . . حتى إذا كان قبل مبعث النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- بخمسة عشر سنة، بنته قريش. . وبه جزم موسى بن عُقبة في مَغَازِيهِ، والذي جزم به ابن إسحاق أَنَّ بُنْيَانَ الكعبةِ كان قَبْلَ المَبْعَثِ بخمْسِ سِنِينَ.
قال الحافظ في الفتح (٤/ ٢٣٣): وقول ابن إسحاق أشهر، ويُمكنُ الجَمْعُ بينهما بأنْ يكُونَ الحَريقُ تقدَّم وقتُهُ على الشُّرُوعِ في البِنَاءِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>