للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثُمَّ أَيْقَظَ عَمَّارًا، فَقَالَ: اجْلِسْ، فَقَدْ أُتِيتُ (١)، فَوَثَبَ، فَلَمَّا رَآهُمَا الرَّجُلُ -زَوْجُ الْمَرْأَةِ-، عَرَفَ أَنْ قَدْ نَذِرُوا (٢) بِهِ، فَهَرَبَ، فَقَالَ عَمَّارٌ لِعَبَّادٍ، وَقَدْ رَأَى مَا بِهِ مِنَ الدِّمَاءَ: سُبْحَانَ اللَّهِ! أَفَلَا أَهْبَبْتَنِي (٣) أَوَّلَ مَا رَمَاكَ؟

فَقَالَ عَبَّاد -رضي اللَّه عنه-: كُنْتُ في سُورَةٍ (٤) أَقْرَؤُهَا، فَلَمْ أُحِبَّ أَنْ أَقْطَعَهَا حَتَّى أُنْفِذَهَا، فَلَمَّا تَابَعَ عَلَيَّ الرَّمْيَ، رَكَعْتُ فَآذَنْتُكَ، وَأَيْمُ اللَّهِ لَوْلَا أَنْ أُضَيِّعَ ثَغْرًا أَمَرَنِي رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- بِحِفْظِهِ؛ لَقَطَعَ نَفْسِي قَبْلَ أَنْ أَقْطَعَهَا أَوْ أُنْفِذَهَا (٥).

* الحَادِث الثَّانِي: قِصَّةُ غَوْرَثِ بنِ الحَارِثِ:

قَالَ جَابِرُ بنُ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: كُنَّا مَعَ الرَّسُولِ -صلى اللَّه عليه وسلم- بِذَاتِ الرِّقَاعِ، فَإِذَا أَتَيْنَا عَلَى شَجَرَةٍ ظَلِيلَةٍ تَرَكْنَاهَا لِلرَّسُولِ -صلى اللَّه عليه وسلم-، فَلَمَّا قَفَلَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- إلى المَدِينَةِ أَدْرَكَتْهُ القَائِلَةُ (٦) في وَادٍ كَثِيرِ العِضَاهِ (٧)، فنَزَلَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-


(١) يُقال: أُتي فلأن: إذا أطَلَّ عليه العدو، وأشرف عليه. انظر لسان العرب (١/ ٦٧).
(٢) نَذِروا به: أي علموا به. انظر لسان العرب (١٤/ ١٠٠).
(٣) أَهبّه: نَبّهه. انظر لسان العرب (١/ ٢٥٢).
(٤) وقع في رواية البيهقي في دلائله (٣/ ٣٧٩): أنها سورة الكهف.
(٥) أخرج قصة عَبّاد -رضي اللَّه عنه-: الإمام البخاري في صحيحه - كتاب الوضوء - باب من لم يَرَ الوضوء إِلَّا من المَخْرَجَيْن القبل والدبر -معلقًا- ووصله الإِمام أحمد في مسنده - رقم الحديث (١٤٧٠٤) - وابن حبان في صحيحه - رقم الحديث (١٠٩٦) - والبيهقي في دلائله (٢/ ٣٧٨ - ٣٧٩) - وابن إسحاق في السيرة (٣/ ٢٣٠) وهو حديث حسن.
(٦) قَالَ الحَافِظُ في الفَتْحِ (٨/ ١٩٢): القائلة: أي وسط النهار وشدة الحرّ.
(٧) قَالَ الحَافِظُ في الفَتْحِ (٨/ ١٩٢): العِضَاه: بكسر العين وتخفيف الضاد: كل شجر يعظم له شوك، وقيل: هو العظيمُ من الشجر مطلقًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>