للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَضِيئَةً، فَلَمَّا انْصَرَفَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- قَافِلًا (١) أَتَى زَوْجُهَا، وَكَانَ غَائِبًا، فَلَمَّا أُخْبِرَ الخَبَرَ حَلَفَ أَنْ لَا يَنتهِيَ حَتَّى يُصِيبَ مُحَمَّدًا -صلى اللَّه عليه وسلم-، أَوْ يُهْرِيقَ في أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ -صلى اللَّه عليه وسلم- دَمًا، أَوْ يُخَلِّصَ زَوْجَتَهُ، فَخَرَجَ يَتْبَعُ أثَرَ المُسْلِمِينَ، فنَزَلَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- في شِعبٍ (٢)، فَقَال رَسُول اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "مَنْ رَجُلٌ يَكْلَؤُنَا (٣) لَيْلَتَنَا هَذِهِ؟ ".

فَقَامَ عَمَّارُ بنُ يَاسِرٍ وَعَبَّادُ بنُ بِشْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، فَقَالَا: نَحْنُ يَا رَسُولَ اللَّه.

فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "فكُونَا في فَمِ الشِّعْبِ".

فَلَمَّا خَرَجَ الرَّجُلَانِ إلى فَمِ الشِّعْبِ، قَالَ عَبَّادٌ لِعَمَّارٍ: أَيُّ اللَّيْلِ أَحَبُّ إِلَيْكَ أَنْ أَكْفِيكَهُ: أَوَّلَهُ أَمْ آخِرَهُ؟

فَقَالَ عَمَّارٌ: اكْفِنِي أَوَّلَهُ، فَاضْطَجَعَ عَمَّارٌ فنَامَ، وَقَامَ عَبَّادُ بنُ بِشْرٍ -رضي اللَّه عنه- يُصَلِّي، وَأَتَى الرَّجُلُ -زَوْجُ الْمَرْأَةِ-، فَلَمَّا رَأَى سَوَادَ عَبَّادٍ عَرَفَ أَنَّهُ رَبِيئَةُ (٤) القَوْمِ، فَرَمَاهُ بِسَهْمٍ، فَأَصَابَهُ بِهِ، فَانْتَزَعَهُ عَبَّادُ، فَرَمَاهُ الرَّجُلُ بِسَهْمٍ آخَرَ فَأَصَابَهُ، فَانْتَزَعَهُ عَبَّادُ، فَرَمَاهُ الرَّجُلُ بِسَهْمٍ ثَالِثٍ فَأَصَابَهُ، فَانْتَزَعَهُ عَبَّادُ، ثُمَّ رَكَعَ وَسَجَدَ،


(١) قفل: رجع. انظر النهاية (٤/ ٨٢).
(٢) الشِّعب: بكسر الشين: ما انفرج بين جبلين. انظر لسان العرب (٧/ ١٢٨).
(٣) الكَلاءة: الحفظ والحراسة. انظر النهاية (٤/ ١٦٩).
(٤) الرَّبِيئَة: هو العينُ والطليعة الذي ينظر للقوم لئلا يدهمهم عدوٌّ، ولا يكون إِلَّا على جبل أو شرف ينظر منه. انظر النهاية (٢/ ١٦٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>