للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سَبَبُ تَهَيُّؤِ الأَنْصَارِ لِلإِسْلَامْ

قَبْلَ أَنْ نَتَكَلَّمَ عَنْ بَيْعَةِ العَقَبَةِ الثَّانِيَةِ، نَذْكُرُ سبَبَ سُرعَةِ إِسْلَامِ الأنْصَارِ.

سَاعَدَتْ عَلَى سُرعَةِ إِسْلَامِ الأنْصَارِ عِدَّةُ عَوَامِلٍ، هِيَ مِنْ خَلْقِ اللَّهِ تَعَالَى وَتَيْسِيرِهِ وَصُنْعِهِ، كَانَتْ فَارِقَة بَيْنَ قُرَيْشٍ وَأَهْلِ مَكَّةَ، وَقبائِلِ يَثْرِبَ العَرَبِيَّةِ:

١ - مِنْهَا مَا طَبَعَها اللَّهُ عَلَيْهِ مِنَ الرِّقَّةِ وَاللِّينِ، وَعَدَمِ المُغَالَاةِ فِي الكِبْرِيَاءَ وَجُحُودِ الحَقِّ، وَذَلِكَ يَرجعُ إِلَى الخَصَائِصِ الدَّمَوِيَّةِ وَالسُّلَالِيَّةِ التِي أَشَارَ إِلَيْهَا رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- حِينَ وَفَدَ وَفْدٌ مِنْ اليَمَنِ، بِقَوْلهِ: "أَتَاكُمْ أَهْلُ اليَمَنِ، هُمْ أَرَقُّ أَفْئِدَةً، وَأَلْيَنُ (١) قُلُوبًا" (٢) وَهُمَا -أَيْ الأَوْسُ وَالخَزْرَجُ- تَرْجِعَانِ فِي أَصْلِهِمَا إِلَى اليَمَنِ، نَزَحَ أَجْدَادُهُمَا مِنْهَا فِي الزَّمَنِ القَدِيمِ.

٢ - وَمِنْهَا أَنَّهُمَا -أَيْ الأَوْسُ وَالخَزْرَجُ- قَدْ أَنْهكَتْهُمَا الحُرُوبُ الدَّاخِلِيَّةُ،


(١) قال الإمام النووي في شرح مسلم (٢/ ٢٨): وأما وصفها باللِّين والرَّقةِ والضعف، فمعنَاهُ: أنها ذَاتُ خَشْيَةٍ واستِكَانَةٍ، سرِيعة الاستجابَةِ، والتأثُّرِ بقَوَارع التذْكِيرِ، سالِمَة من الغِلَظِ والشِّدَّةِ والقَسْوَة.
(٢) أخرجه البخاري في صحيحه - كتاب المغازي - باب قدوم الأشعريين وأهل اليمن - رقم الحديث (٤٣٨٨) - ومسلم في صحيحه - كتاب الإيمان - باب تفاضل أهل الإيمان فيه ورجحان أهل اليمن فيه - رقم الحديث (٥٢) (٩٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>