للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مُحَمَّدُ! إِنِّي كُنْتُ عَلَى دِينٍ، وَإِنِّي تَارِكٌ دِينِي لِدِينِكَ، أَفتَضْمَنُ لِي دِينِي؟ .

فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "نَعَمْ، أنَّا ضَامِنٌ لِذَلِكَ، إِنَّ الذِي أَدْعُوكَ إِلَيْهِ خَيْرٌ مِنَ الذِي كُنْتَ عَلَيْهِ"، فَأَسْلَمَ (١).

ثُمَّ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ فِي -صلى اللَّه عليه وسلم- اسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ، وَدَعَا لِقَبِيلَةِ عَبْدِ القيْسِ، فَقَالَ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِعَبْدِ الْقَيْسِ إِذْ أَسْلَمُوا طَائِعِينَ غَيْرَ كَارِهِينَ، غَيْرَ خَزَايَا وَلَا مَوْتُورِينَ (٢)، إِذْ بَعْضُ قَوْمِنَا لَا يُسْلِمُونَ حَتَّى يُخْزَوْا وَيُوتَرُوا".

ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إِنَّ خَيْرَ أَهْلِ الْمَشْرِقِ عَبْدُ الْقَيْسِ" (٣).

* صَلَاةُ رَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- سُنَّةَ الظُّهْرِ بَعْدَ الْعَصْرِ:

وَانْشَغَلَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- بِوَفْدِ عَبْدِ الْقَيْسِ، حَتَّى فَاتَتْهُ رَكْعَتَا سُنَّةِ الظُّهْرِ، فَمَا صَلَّاهَا إِلَّا بَعْدَ صَلَاةِ الْعَصْرِ، فَقَدْ أَخْرَجَ الشَّيْخَانِ فِي صَحِيحَيْهِمَا عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا زَوْجِ النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- أَنَّهَا قَالَتْ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- يَنْهَى عَنْهُمَا -أَيْ عَنِ الرَّكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْعَصْرِ- ثُمَّ رَأَيْتُهُ يُصَلِّيهِمَا حِينَ صَلَّى الْعَصْرَ، فَسَأَلْتُهُ عَنْهُمَا، فَقَالَ: "يَا بِنْتَ أَبِي أُمَيَّةَ! سَأَلْتِ عَنِ الرَّكعَتَيْنِ بَعْدَ الْعَصْرِ؟ إِنَّهُ أَتَانِي نَاسٌ مِنْ عَبْدِ الْقَيْسِ بِالْإِسْلَامِ مِنْ قَوْمِهِمْ، فَشَغَلُونِي عَنِ الرَّكْعَتَيْنِ اللَّتَيْنِ بَعْدَ


(١) انظر سيرة ابن هشام (٤/ ٢٣٠) - زاد المعاد (٣/ ٥٣٠).
(٢) يُقال: وَتَرْتُهُ: إذا نَقَصْتُهُ، فكأنك جعلته وِتْرًا بعد أن كان كثيرًا. انظر النهاية (٥/ ١٢٩).
(٣) أخرج ذلك الإمام أحمد في مسنده - رقم الحديث (١٧٨٢٩) - وأخرجه في فضائل الصحابة - رقم الحديث (١٥١٤) - وإسناده صحيح.

<<  <  ج: ص:  >  >>