للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَثَبُتَتِ الأَقْدَامُ، وَنَزَلَ المَطَرُ شَدِيدًا عَلَى المُشْرِكِينَ، فَكَانَ بَلَاءً وَنِقْمَةً عَلَيْهِمْ مَنَعَهُمْ مِنَ التَّقَدُّمِ (١)، وَفِي هَذَا قَالَ تَعَالَى: {إِذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعَاسَ أَمَنَةً مِنْهُ وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لِيُطَهِّرَكُمْ (٢) بِهِ وَيُذْهِبَ عَنْكُمْ رِجْزَ الشَّيْطَانِ (٣) وَلِيَرْبِطَ عَلَى قُلُوبِكُمْ (٤) وَيُثَبِّتَ بِهِ الْأَقْدَامَ} (٥).

قَالَ مُجَاهِدٌ: أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْهِمُ المَطَرَ قَبْلَ النُّعَاسِ، فَأَطْفَأَ بِالمَطَرِ الغُبَارَ، وَتَلَبَّدَتْ بِهِ الأَرْضُ، وَطَابَتْ نُفُوسُهُمْ، وَثَبَتَتْ بِهِ أَقْدَامُهُمْ (٦).

هَذِهِ المَعْرَكَةُ كُلُّهَا تُدَارُ بِأَمْرِ اللَّهِ وَمَشِيئَتِهِ، وَتَدْبِيرِهِ وقَدَرهِ، وَتَسِيرُ بِجُنْدِ اللَّهِ وتَوْجِيهِهِ. . . وَهِيَ شَاخِصةٌ بِحَرَكَاتِهَا وَخَطَرَاتِهَا مِنْ خِلَالِ العِبَارَةِ القُرْآنِيَّةِ المُصَوَّرَةِ المُتَحَرِّكَةِ المُحْيِيَةِ لِلْمَشْهَدِ الذِي كَانَ، كَأَنَّهُ يَكُونُ الآنَ (٧)! .

* تَحَرُّكُ المُسْلِمِينَ وسَيْطَرَتُهُمْ عَلَى مَاءِ بَدْرٍ:

ثُمَّ تَحَرَّكَ الرَّسُولُ -صلى اللَّه عليه وسلم- بِجَيْشِهِ نَحْوَ مَاءِ بَدْرٍ؛ لِيَسْبِقَ المُشْرِكِينَ إِلَيْهِ،


(١) انظر سيرة ابن هشام (٢/ ٢٣٢).
(٢) أي: من حَدَث أصغر وأكبر، وهو تطهِيرُ الظاهر. انظر تفسير ابن كثير (٤/ ٢٤).
(٣) أي: من وسوَسَةٍ أو خاطرٍ سَيِّئ، وهو تطهير الباطن. انظر تفسير ابن كثير (٤/ ٢٤).
(٤) أي: بالصبر والإقدام علي مُجَالدة الأعداء، وهو شجاعة الباطن، ويُثَبت به الأقدام، وهو شجاعة الظاهر. انظر تفسير ابن كثير (٤/ ٢٤).
(٥) سورة الأنفال آية (١١).
(٦) انظر تفسير ابن كثير (٤/ ٢٤).
(٧) انظر في ظلال القرآن (٣/ ١٤٨٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>