للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَشْرُوعِيَّةُ الأَذَانِ (١)

الأَذَانُ شَعِيرَةٌ مِنْ شَعَائِرِ (٢) الإِسْلَامِ، فَلَا يَجُوزُ تَرْكُهُ، ولَوْ أَنَّ أَهْلَ بَلَدٍ اجْتَمَعُوا عَلَى تَرْكِهِ كَانَ لِلسُّلْطَانِ قِتَالُهُمْ عَلَيْهِ، وَأَقْوَى مَا يُسْتَدَلُّ بِهِ عَلَى هَذَا مَا أخْرَجَهُ الشَّيْخَانِ في صَحِيحَيْهِمَا -واللَّفْظُ لِمُسْلِم- عَنْ أَنَسٍ -رضي اللَّه عنه- قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- يُغِيرُ (٣) إذا طَلَعَ الفَجْرُ، وَكَانَ يَسْتَمعُ الأَذَانَ، فَإِنْ سَمِعَ أَذَانًا أمْسَكَ، وإلَّا أغَارَ (٤).


(١) الأَذَانُ: لغة الإعلام. انظر لسان العرب (١/ ١٠٥)، قال اللَّه تَعَالَى في سورة التوبة آية (٣): ) {وَأَذَانٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ}.
وشَرْعًا: هو الإعلامُ بِوَقت الصلاة بألفاظ مَخْصُوصَةٍ. انظر النهاية (١/ ٣٧).
قال الإمام القُرطبي فيما نقله عنه الحافظ في الفتح (٢/ ٢٧٧): الأذانُ على قِلَّةِ ألفَاظِهِ مُشْتَمِلٌ على مسائل العقيدة؛ لأنه بَدَأ بالأكبَرِيَّة وهي تتضمن وُجُودَ اللَّه وكماله، ثم ثَنَّى بالتوحيد ونَفْي الشريك، ثم بإثباتِ الرِّسالة لمحمدٍ -صلى اللَّه عليه وسلم-، ثم دَعَا إلى الطاعةِ المَخْصُوصَةِ عقب الشهادَةِ بالرسالة؛ لأنها لا تعرف إلا من وجهةِ الرسول، ثم دعا إلى الفلاحِ وهو البَقَاءُ الدائم، وفيه الإشارة إلى المَعَادِ، ثم أعادَ ما أعَادَ تَوْكِيدًا.
(٢) الشَّعَائِرُ: جمعُ شَعِيرَةٍ، وهي المَعَالِمُ التي نَدَبَ اللَّهُ إِلَيْهَا، وأمَر بالقيام عليها. انظر النهاية (٢/ ٤٢٩).
(٣) يُقال: أغَارَ يُغِيرُ إذا أسْرَعَ في العَدْوِ. انظر النهاية (٣/ ٣٥٣).
(٤) أخرجه البخاري في صحيحه - كتاب الجهاد والسير - باب دعا النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- الناس إلى الإِسلام - رقم الحديث (٢٩٤٣) - ومسلم في صحيحه - كتاب الصلاة - باب =

<<  <  ج: ص:  >  >>