للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

غَزْوَةُ فَتْحِ مَكَّةَ مِنْ بِدَايَتِهَا إِلَى نِهَايَتِهَا

الفَتْحُ الأَعْظَمُ فَتْحُ مَكَّةَ

هَذَا الفَتْحُ الذِي أَعَزَّ اللَّهُ بِهِ دِينَهُ، وَرَسُولَهُ، وَجُنْدَهُ، وَحِزْبَهُ الأَمِينَ، وَاسْتَنْقَذَ بِهِ بَلَدَهُ وَبَيْتَهُ الذِي جَعَلَهُ هُدًى لِلْعَالَمِينَ مِنْ أَيْدِي الكُفَّارِ وَالمُشْرِكِينَ، وَهُوَ الفَتْحُ الذِي اسْتَبْشَرَ بِهِ أَهْلُ السَّمَاءَ، وَضُرِبَتْ أَطْنَابُ عِزِّهِ عَلَى مَنَاكِبِ الجَوْزَاءَ، ودَخَلَ النَّاسُ بِهِ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا، وَأَشْرَقَ بِهِ وَجْهُ الأَرْضُ ضِيَاءً وَابْتِهَاجًا (١).

وَقَدْ ذَكَرَ اللَّهُ تَعَالَى هَذَا الفَتْحَ فِي القُرْآنِ الكَرِيمِ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ، فَقَالَ سُبْحَانَهُ: {لَا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ (٢) وَقَاتَلَ (٣) أُولَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقَاتَلُوا وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ} (٤).


(١) انظر زاد المعاد (٣/ ٣٤٧).
(٢) قَالَ الحَافِظُ ابنُ كَثِيرٍ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى في تفسيره (٨/ ١٢): الجمهور على أن المراد بالفتح هاهنا فتح مكة.
(٣) قَالَ الحَافِظُ ابنُ كَثِيرٍ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى في تفسيره (٨/ ١٢): أي: لا يستوي هذا -أي الذي أنفق وقاتل قبل الفتح- ومن لم يفعل كفعله، وذلك أن قبل فتح مكة كان الحال شديدًا، فلم يكن يؤمن حينئذ إلا الصديقون، وأما بعد الفتح فإنه ظهر الإسلام ظهورًا عظيمًا، ودخل الناس في دين اللَّه أفواجًا، ولهذا قال سبحانه: {أُولَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقَاتَلُوا وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى}.
(٤) سورة الحديد آية (١٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>