للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مُتَسَلِّحِينَ، فَهَبَطُوا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- مِنْ جَبَلِ التَّنْعِيمِ، وَحَاوَلُوا التَّسَلُّلَ إِلَى مُعَسْكَرِ المُسْلِمِينَ لِيُصِيبُوا مِنْهُمْ أَحَدًا، أَوْ يَجِدُوا مِنْهُمْ غِرَّةً (١)، غَيْرَ أَنَّ مُحَمَّدَ بنَ مَسْلَمَةَ -رضي اللَّه عنه- قَائِدَ حَرَسِ المُسْلِمِينَ كَانَ مُتيَقِّظًا، فَأَسَرُوا الثَّمَانِينَ رَجُلًا جَمِيعًا (٢)، فَأَتَى بِهِمْ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-، فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "هَلْ جِئْتُمْ في عَهْدِ أَحَدٍ، أَوْ هَلْ جَعَلَ لَكُمْ أَحَدٌ أَمَانًا؟ ".

قَالُوا: لَا، فَخَلَّى رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- سَبِيلَهُمْ وَعَفَا عَنْهُمْ جَمِيعًا، رَغْبَةً مِنْهُ -صلى اللَّه عليه وسلم- في الصُّلْحِ، وَأَنَّهُ لَمْ يَأْتِ لِقِتَالٍ، وَفِي ذَلِكَ نَزَلَ قَوْلَهُ تَعَالَى: {وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ بِبَطْنِ مَكَّةَ مِنْ بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرًا} (٣).

* كِتَابَةُ الصُّلْحِ وَبُنُودُهُ:

وَلَمَّا رَأَتْ قُرَيْشٌ ذَلِكَ بَعَثَتْ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- سُهَيْلَ بنَ عَمْرٍو، وَمَعَهُ حُوَيْطِبُ بنُ عَبْدِ العُزَّى، وَمِكْرَزُ بنُ حَفْصٍ، وَقَالُوا لَهُ: ائْتِ مُحَمَّدًا فَصَالِحْهُ، وَلَا يَكُونُ في صُلْحِهِ إِلَّا أَنْ يَرْجعَ عَنَّا عَامَهُ هَذَا، فَوَاللَّهِ لَا تَتَحَدَّثُ العَرَبُ عَنَّا،


(١) غِرَّة: بكسر الغين أي غفلة. انظر النهاية (٣/ ٣١٨).
(٢) في رواية الإمام أحمد في مسنده - رقم الحديث (١٦٨٠٠). قال عبدُ اللَّه بن مغفل المُزَني -رضي اللَّه عنه-: فثاروا في وجوهنا -أي هؤلاء الثمانون رجلًا من الكفار- فَدَعَا عليهم رَسُول اللَّهِ -رضي اللَّه عنه-، فأخذ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ بأبصارهم، فقدمنا إليهم، فأخذناهم.
(٣) سورة الفتح آية (٢٤) - والخبر أخرجه الإمام مسلم في صحيحه - كتاب الجهاد والسير - باب غزوة ذي قرد وغيرها - حيث رقم (١٨٠٨) - وأخرجه الإمام أحمد في مسنده - رقم الحديث (١٢٢٢٧) (١٦٨٠٠) - وأخرجه الطحاوي في شرح مشكل الآثار - رقم الحديث (٦٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>