للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

* هِجْرَةُ العَبَّاسِ بنِ عَبْدِ المُطَّلِبِ -رضي اللَّه عنه-:

وَلَمَّا بَلَغَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- الجُحْفَةَ لَقِيَهُ العَبَّاسُ بنُ عَبْدِ المُطَّلِبِ -رضي اللَّه عنه- مُهَاجِرًا بِأَهْلِهِ وَعِيَالِهِ إِلَى المَدِينَةِ، وَمَا كَانَ يَعْلَمُ عَنْ أَمْرِ جَيْشِ المُسْلِمِينَ، فَدَخَلَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-، فَفَرِحَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- بِهِ فَرَحًا عَظِيمًا (١).

وَهُوَ آخِرُ مَنْ هَاجَرَ إِلَى المَدِينَةِ؛ لِأَنَّ بَعْدَهُ تَمَّ فتحُ مَكَّةَ، وَالرَّسُولُ -صلى اللَّه عليه وسلم- قَالَ: "لَا هِجْرَةَ بَعْدَ الفَتْحِ" (٢).

قَالَ الحَافِظُ فِي الفَتْحِ: اخْتُلِفَ فِي الوَقْتِ الذِي أَسْلَمَ فِيهِ العَبَّاسُ -رضي اللَّه عنه-، فَقِيلَ: أَسْلَمَ قَبْلَ الهِجْرَةِ، وَأَقَامَ بِأَمْرِ النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- لَهُ فِي ذَلِكَ لِمَصْلَحَةِ المُسْلِمِينَ، رَوَى ذَلِكَ ابْنُ سَعْدٍ (٣) مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَفِي إِسْنَادِهِ الكَلْبِيُّ وَهُوَ مَتْرُوكٌ، وَيَرُدُّهُ أَنَّ العَبَّاسَ أُسِرَ بِبَدْرٍ، وَقَدْ فَدَى نَفْسَهُ، وَأَمَّا قَوْلُ أَبِي راَفِعٍ -رضي اللَّه عنه- (٤) فِي قِصَّةِ بَدْرٍ: "كَانَ الإِسْلامُ دَخَلَ عَلَيْنَا أَهْلَ البيْتِ" (٥)، فَلَا يَدُلُّ عَلَى إِسْلَامِ العَبَّاسِ حِينَئِذٍ، فَإِنَّهُ كَانَ مِمَّنْ أُسِرَ يَوْمَ بَدْرٍ، وَفَدَى نَفْسَهُ وَعَقِيلًا ابْنَ أَخِيهِ أَبِي


(١) انظر سيرة ابن هشام (٤/ ٤٨).
(٢) هذا الحديث أخرجه البخاري في صحيحه - كتاب الجهاد والسير - باب لا هجرة بعد الفتح - رقم الحديث (٣٠٧٧) - وأخرجه مسلم في صحيحه - كتاب الحج - باب تحريم مكة وصيدها وخلاها - رقم الحديث (١٣٥٣).
(٣) في طبقاته (٤/ ٣٢٣).
(٤) أبو رافع -رضي اللَّه عنه-: هو مولى العباس -رضي اللَّه عنه-، ثم مولى رَسُول اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-.
(٥) أخرج قول أبي رافع هذا: الإمام أحمد في مسنده - رقم الحديث (٢٣٨٦٤) - وإسناده ضعيف.

<<  <  ج: ص:  >  >>