للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حِفْظُ اللَّهِ تَعَالَى، نَبِيَّهُ -صلى اللَّه عليه وسلم- مِنْ أَدْرَانِ (١) الجَاهِلِيَّةِ

ظَلَّتْ حَيَاةُ الرَّسُولِ -صلى اللَّه عليه وسلم- إلى البِعْثَةِ حَيَاةً فَاضِلَةً شَرِيفَةً، لَمْ تُعْرَفْ لَهُ فِيهَا هَفْوَةٌ، ولَمْ تُحْصَ عَلَيْهِ فِيهَا زَلَّةٌ، لَقَدْ شَبَّ رسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- يَحُوطُهُ اللَّهُ تَعَالَى بِعِنَايَتِهِ، ويَحْفَظُهُ مِنْ أقْذَارِ الجَاهِلِيَّةِ، لِمَا يُرِيدُهُ لهُ مِنْ كَرَامَتِهِ ورِسَالَتِهِ، حتَّى صَارَ أفْضَلَ قَوْمِهِ مُرُوءَةً، وأحْسَنَهُمْ خُلُقًا، وأكْرَمَهُمْ حَسَبًا، وأحْسَنَهُمْ جِوَارًا، وأعْظَمَهُمْ حِلْمًا، وأصْدَقَهُمْ حَدِيثًا، وأعْظَمَهُمْ أمَانَةً، وأبْعَدَهُمْ مِنَ الفُحْشِ والأَخْلَاقِ التِي تُدَنِّسُ الرِّجَالَ، حتَّى صَارَ مَعْرُوفًا "بالأَمِينِ" -صلى اللَّه عليه وسلم- (٢).

قَالَ الحَافِظُ ابنُ كَثِيرٍ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: ثُمَّ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى يُعَدِّدُ نِعَمَهُ عَلَى عَبْدِهِ ورَسُولهِ مُحَمَّدٍ، صَلَوَاتُ اللَّهِ وسَلَامُهُ عَلَيْهِ: {أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيمًا فَآوَى. .} وذَلِكَ أَنَّ أبَاهُ تُوُفِّيَ، وهُوَ حَمْلٌ في بَطْنِ أُمِّهِ عَلَيهِ السَّلامُ، ثُمَّ تُوُفِّيَتْ أُمُّهُ آمِنَةُ بِنْتُ وَهْبٍ، وله مِنْ العُمُرِ سِتُّ سِنِينَ، ثُمَّ كَانَ في كَفَالَةِ جَدِّهِ عَبْدِ المُطَّلِبِ، إلى أَنْ


(١) الدَّرَنُ: الوَسَخُ. انظر النهاية (٢/ ١٠٨).
ومنه حديثُ الرَّسُولِ -صلى اللَّه عليه وسلم- الذي أخرجه البخاري في صحيحه - رقم الحديث (٥٢٨) - ومسلم في صحيحه - رقم الحديث (٦٦٧) - ولفظه: "أَرَأَيْتُمْ لوْ أَنَّ نَهْرا ببابِ أحَدِكم يغْتَسِلُ منهُ كُلَّ يومٍ خَمْسَ مرَّاتٍ، هَلْ يَبْقَى مِنْ دَرَنِهِ شَيْءٌ؟ ".
قالوا: لا يَبْقَى مِنْ دَرَنِهِ شيءٌ.
قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "فذلكَ مَثَلُ الصَّلَواتِ الخَمْسِ، يَمْحُو اللَّهُ بهِنَّ الخَطَايَا".
(٢) انظر السِّيرة النَّبوِيَّة للدكتور محمد أبو شهبة رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى (١/ ٢٣٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>