للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ الدُّكْتُورُ مُحَمَّدٌ أَبُو شَهْبَةَ: وَإِنَّ لَنَا هُنَا لَوَقْفَةً تُرِينَا مَبْلَغَ قُوَّةِ الْإِيمَانِ، وَتَذَكُّرِ الْقَلْبَ، وَيَقْظَةَ الضَّمِيرِ مِنْ صَحَابَةِ رَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-، الذِينَ إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ، وَسُرْعَانَ مَا يَتُوبُونَ، وَمَبْلَغَ مَا وَصَلَ إِلَيْهِ الْمُجْتَمَعُ الْإِسْلَامِيُّ حِينَئِذٍ مِنْ حَيَاءٍ مِنَ الْمَعَاصِي وَالرَّذَائِلِ، وَتَقْدِيرٍ لِلْقِيَمِ الْخُلُقِيَّةِ، وَالْمَعَانِي الرُّوحِيَّةِ، وَاسْتِهَانَةٍ بِالنَّفْسِ وَالْوَلَدِ وَالْمَالِ فِي سَبِيلِ رِضَاءِ اللَّهِ وَرَسُولهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-، وَأَنَّ هَذَا الْمُجْتَمَعَ لَمْ يَصِلْ إِلَيْهِ أَيُّ مُجْتَمَع مُتَحَضِّرٍ إِلَى وَقْتِنَا هَذَا (١).

* نُزُولُ بَنِي قُرَيْظَةَ عَلَى حُكْمِ رَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-:

وَلَمَّا اشْتَدَّ الْحِصَارُ عَلَى بَنِي قُرَيْظَةَ أَذْعَنُوا (٢) وَرَضُوا أَنْ يَنْزِلُوا عَلَى حُكْمِ


= قال مجاهد في سبب نزول هذه الآية فيما نقله عنه الحافظ ابن كثير في تفسيره (٤/ ٢٠٦)، وابن جرير في تفسيره (٦/ ٤٦٢): إنها نزلت في أبي لبابة لما قال لبني قريظة: إنه الذبح، وأشار بيده إلى حلقه.
وقال ابن عباس رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا فيما نقله عنه الحافظ ابن كثير في تفسيره (٤/ ٢٠٦) نزلت في أبي لبابة وجماعة من أصحابه تخلفوا عن غزوة تبوك، فلما رجع النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- من غزوته، ربطوا أنفسهم بسواري المسجد، وحلفوا لا يحلهم إلا رَسُول اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-، فلما أنزل اللَّه هذه الآية: {وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ}، أطلقهم النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- وعفا عنهم.
قال الإمام ابن جرير الطبري رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى في تفسيره (٦/ ٤٦٢): وأولى هذه الأقوال بالصواب في ذلك، قول من قال: نزلت هذه الآية في المعترفين بخطأ فعلهم في تخلفهم عن رَسُول اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-، وتركهم الجهاد معه، والخروج لغزو الروم، حين شَخَصَ -أي ذهب- إلى تبوك، وأن الذين نزل ذلك فيهم جماعة، أحدهم أبو لُبابة.
(١) انظر السِّيرة النَّبوِيَّة (٢/ ٤٠٨) للدكتور محمد أبو شهبه رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى.
(٢) أَذْعَنَ: خَضَعَ وَذَلَّ. انظر لسان العرب (٥/ ٤٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>