للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَلَى أَنْ أَعْطَاهُ عَهْدًا وَمِيثَاقًا، لَئِنْ رَجَعَتْ قُرَيْشٌ وَغَطَفَانُ وَلَمْ يُصِيبُوا مُحَمَّدًا أَنْ يَدْخُلَ مَعَهُ فِي حِصنِهِ يُصِيبُهُ مَا يُصِيبُ بَنِي قُرَيْظَةَ، فنَقَضَ كَعْبُ بْنُ أَسَدٍ عَهْدَهُ وَبَرِئَ مِمَّا كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ رَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-.

ثُمَّ قَامَتْ بَنُو قُرَيْظَةَ وَمَزَّقَتِ الصَّحِيفَةَ التِي كَانَ فِيهَا العَقْدُ، وَدَخَلَتْ بَنُو قُريْظَةَ مَعَ الْمُشْرِكِينَ فِي مُحَارَبَةِ الْمُسْلِمِينَ (١).

وَبِهَذَا يَتَبَيَّنُ أَنَّ حِرْصَ بَنِي قُرِيْظَةَ الْأَوَّلَ عَلَى الْتِزَامِ الْعَهْدِ كَانَ خَوْفًا مِنْ عَوَاقِبِ الْغَدْرِ فَقَطْ، فَلَمَّا ظَنَّتْ أَنَّ الْمُسْلِمِينَ أُحِيطَ بِهِمْ مِنْ كُلِّ جَانِب وَأَنَّهَا لَنْ تُؤَاخَذَ عَلَى خِيَانَةٍ، أَسْفَرَتْ عَلَى خِيَانَتِهَا وَانْضَمَّتْ إِلَى الْمُشْرِكِينَ الْمُهَاجِمِينَ (٢).

* الزُّبَيْرُ بْنُ الْعَوَّامِ -رضي اللَّه عنه- يَتَأَكَّدُ مِنْ خَبَرِ نَقْضِ بَنِي قُرَيْظَةَ:

فَلَمَّا انْتَهَى خَبَرُ نَقْضِ بَنِي قُرَيْظَةَ الْعَهْدَ مَعَ الرَّسُولِ -صلى اللَّه عليه وسلم- بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- الزُّبَيْرَ بْنَ الْعَوَّامِ -رضي اللَّه عنه- لِيَتَأَكَّدَ مِنْ صِحَةِ هَذَا الْخَبَرِ، فَقَدْ أَخْرَجَ الشَّيْخَانِ فِي صَحِيحَيْهِمَا عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: كُنْتُ يَوْمَ الْأَحْزَابِ جُعِلْتُ أنَّا وَعَمْرُ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ فِي النِّسَاءِ، فنَظَرْتُ (٣) فَإِذَا أَنَا بِالزُّبَيْرِ عَلَى فَرَسِهِ


= حتى أجابَهُ. انظر النهاية (٣/ ٣١٥).
(١) انظر سيرة ابن هشام (٣/ ٢٤٣) - الطبَّقَات الكُبْرى لابن سعد (٢/ ٢٨٣) - دلائل النبوة للبيهقي (٣/ ٤٢٩).
(٢) انظر فِقْه السِّيرةِ للشَّيخِ محمَّدٍ الغزاليِّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى ص ٣٠٠.
(٣) في روايةِ الإمام مسلم في صحيحه، والطحاوي في شرح مُشْكِلِ الآثارِ قال عبدُ اللَّهِ بنُ الزُّبَيْرِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: فكان عمر بن أبي سلمة يُطَأْطِئُ -أي يَخْفِضُ ظَهْرَهُ- لي مَرَّةً فأنظرُ، وأُطَأْطِئُ له مرةً فينظرُ إلى القتال.

<<  <  ج: ص:  >  >>