للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَيْنِي مِنْهُ، وَمَا كُنْتُ أُطِيقُ أَنْ أَمْلَأَ عَيْنِي مِنْهُ إِجْلَالًا لَهُ، وَلَوْ سُئِلْتُ أَنْ أَصِفَهُ مَا أَطَقْتُ؛ لِأنَي لَمْ أَكُنْ أَمْلَأُ عَيْنِي مِنْهُ، وَلَوْ مُتُّ عَلَى تِلْكَ الحَالِ لَرَجَوْتُ أَنْ أَكُونَ مِنْ أَهْلِ الجَنَّةِ، ثُمَّ وَلينَا أَشْيَاءَ مَا أَدْرِي مَا حَالِي فِيهَا، فَإِذَا أَنَا مُتُّ، فَلَا تَصْحَبْنِي نَائِحَةٌ وَلَا نَارٌ، فَإِذَا دَفَنْتُمُونِي فَشُنُّوا (١) عَلَيَّ التُّرَابَ شَنًّا، ثُمَّ أَقِيمُوا حَوْلَ قَبْرِي قَدْرَ مَا تُنْحَرُ جَزُورٌ (٢)، وَيُقْسَمُ لَحْمُهَا، حَتَّى أَسْتَأْنِسَ بِكُمْ، وَأَنْظُرَ مَاذَا أُرَاجعُ بِهِ رُسُلَ رَبَي (٣).

* قِصَّةُ إِسْلَامِ خَالِدِ بنِ الوَلِيدِ -رضي اللَّه عنه-:

وَأَمَّا خَالِدُ بنُ الوَليدِ للَّه، فَقَدْ أَخْرَجَ قِصَّةَ إِسْلَامِهِ البَيْهَقِيُّ فِي دَلَائِلِ النُّبُوَّةِ، قَالَ خَالِدٌ -رضي اللَّه عنه- وَهُوَ يتحَدَّثُ عَنْ قِصَّةِ إِسْلَامِهِ: لَمَّا أَرَادَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ مَا أَرَادَ بِي مِنَ الخَيْرِ، قَذَفَ فِي قَلْبِي الإِسْلَامَ، وَحَضَرَنِي رُشْدِي، وَقُلْتُ: قَدْ شَهِدْتُ هَذِهِ المَوَاطِنَ كُلَّهَا عَلَى مُحَمَّدٍ -صلى اللَّه عليه وسلم-، فَلَيْسَ مَوْطِنٌ أَشْهَدُهُ إِلَّا أَنْصَرِفُ وَأَنا أَرَى فِي نَفْسِي أني مُوضِعٌ فِي غَيْرِ شَيْءٍ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا -صلى اللَّه عليه وسلم- سَيَظْهَرُ، فَلَمَّا خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- إِلَى الحُدَيْبِيَةِ، خَرَجْتُ فِي خَيْلِ المُشْرِكِينَ، فَلَقِيتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- فِي أَصْحَابِهِ بِعُسْفَانَ، فَقُمْتُ بِإِزَائِهِ، وَتَعَرَّضْتُ له، فَصلَّى بِأَصْحَابِهِ


(١) الشنُّ: الصَبُّ المتقطع. انظر النهاية (٢/ ٤٥٣).
(٢) الجَزُور: البَعِيرُ ذكرًا كان أو أنثى. انظر النهاية (١/ ٢٥٨).
(٣) أخرجه مسلم في صحيحه - كتاب الإيمان - باب كون الإسلام يهدم ما قبله - رقم الحديث (١٢١).

<<  <  ج: ص:  >  >>