للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سَريَّةُ مُحَمَّدِ بْنِ مَسْلَمَةَ -رضي اللَّه عنه- (١) إِلَى القُرَطَاءِ (٢)

فَفِي الْمُحَرَّمِ مِنَ السَّنَةِ السَّادِسَةِ لِلْهِجْرَةِ بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- مُحَمَّدَ بْنَ مَسْلَمَةَ -رضي اللَّه عنه- فِي ثَلَاثِينَ رَاكِبًا إِلَى الْقُرَطَاءَ، وَهُمْ بَطْنٌ مِنْ بَنِي بَكْرٍ، وَاسْمُهُ: عُبَيْدُ بْنُ كِلَابٍ.

فَخَرَجَ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ -رضي اللَّه عنه- وَأَصْحَابُهُ لِعَشْرِ لَيَالٍ خلَوْن مِنَ الْمُحَرَّمِ، فَسَارَ اللَّيْلَ وَكَمَنَ (٣) النَّهَارَ، فَلَمَّا أَغَارَ عَلَيْهِمْ هَرَبَ سَائِرُهُمْ بَعْدَ أَنْ قَتَلَ نَفَرًا


(١) هو محمد بن مَسْلَمَة الأوسي الأنصاري، من نُجَباءِ الصحابة شَهِدَ بدرًا وأحدًا، وكل المشاهد إلا تَبُوك؛ لأن الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- استخلفه على المدينة، وهو أحَدُ الذين قَتَلُوا كَعْبَ بن الأشْرَف كما تقدم، وكان -رضي اللَّه عنه- ممن اعتزل الفِتْنَة بعد مقتل عثمان -رضي اللَّه عنه-.
أخرج أبو داود في سننه بسند صحيح - كتاب السنة - باب ما يدل على ترك الكلام في الفتنة - رقم الحديث (٤٦٦٣) - وأورده ابن الأثير في جامع الأصول - رقم الحديث (٧٤٧٠) - عن حذيفة -رضي اللَّه عنه- أنه قال: ما أحدٌ من الناس تُدْرِكُهُ الفتنةُ إلا أنَا أخَافُهَا عليه، إلا محمد بن مسلمة، فإني سمعت رَسُول اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: "لا تَضُرُّكَ فِتْنةٌ".
وفي رواية أخرى عند أبي داود في سننه - رقم الحديث (٤٦٦٤) - عن ثعلبة بن ضُبَيْعَةَ قال: دخلنا على حذيفة، فقال: إني لأعرف رَجلًا لا تَضُرُّه الفتن، قلنا: من هو؟ قال صاحب ذلك الفُسْطَاطِ -الفسطاط: أي الخَيْمَة- فدخلنا، فإذا فيه محمد بن مسلمة.
(٢) القُرطاء: بضم القاف بينها وبين المدينة سبع ليال. انظر الطبَّقَات الكُبْرى لابن سعد (٢/ ٢٨٨).
(٣) كَمَنَ: استخفى. انظر النهاية (٤/ ١٧٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>