للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشَّرْطَانِ، لَمْ يَجُزْ لِلْإِمَامِ أَنْ يَسْتَعِينَ بِهِمْ.

قَالُوا: وَمَعَ وُجُودِ الشَّرْطَيْنِ يَجُوزُ الِاسْتِعَانَةُ بِهِمْ، وتَمَسَّكُوا في ذَلِكَ بِمَا رَوَاهُ الإِمَامُ أَحْمَدُ في مُسْنَدِهِ، وَالطَّحَاوِيُّ في شَرْحِ مُشْكِلِ الآثَارِ بِسَنَدٍ حَسَنٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- اسْتَعَانَ بِصَفْوَانَ بنِ أُمَيَّةَ في قِتَالِ هَوَازِنَ يَوْمَ حُنَيْنٍ (١)، قَالُوا: وَتَعَيَّنَ المَصِيرُ إِلَى هَذَا؛ لِأَنَّ حَدِيثَ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا كَانَ يَوْمَ بَدْرٍ، وَهُوَ مُتَقَدِّمٌ فَيَكُونُ مَنْسُوخًا.

* أَبُو سُفْيَانَ يَسْتَنْفِرُ قُرَيْشًا:

كَانَ أَبُو سُفْيَانَ -وَهُوَ رَئيسُ العِيرِ- في غَايَةِ الحِيطَةِ وَالحَذَرِ، فَقَدْ كَانَ يَعْلَمُ أَنَّ طَرِيقَ مَكَّةَ مَحْفُوفٌ بِالأَخْطَارِ، وَكَانَ يَتَحَسَّسُ الأَخْبَارَ، وَيَسْأَلُ مَنْ لَقِيَ مِنَ الرُّكْبَانِ، حَتَّى جَاءَهُ الخَبَرُ مِنْ بَعْضِ الرُّكْبَانِ أَنَّ مُحَمَّدًا -صلى اللَّه عليه وسلم- قَدِ اسْتَنْفَرَ أصْحَابَهُ لِلْعِيرِ، فَعِنْدَ ذَلِكَ اسْتَأْجَرَ أَبُو سُفْيَانَ ضَمْضَمَ بنَ عَمْرٍو الغِفَارِيَّ، وَبَعَثَهُ إِلَى مَكَّةَ، وَأَمَرَهُ أَنْ يَأْتِي قُريْشًا فَيَسْتَنْفِرَهُمْ إِلَى أمْوَالهِمْ، وَيُخْبِرَهُمْ أَنَّ مُحَمَّدًا -صلى اللَّه عليه وسلم- قَدْ عَرَضَ لَهَا في أَصْحَابِهِ، فَخَرَجَ ضَمْضَمُ سَرِيعًا حَتَّى أَتَى مَكَّةَ، فَصَرَخَ بِبَطْنِ الوَادِي وَاقِفًا عَلَى بَعِيرِهِ، وَقَدْ جَدَعَ (٢) أنْفَ بَعِيرِهِ، وَحَوَّلَ رَحْلَهُ، وَشَقَّ قَمِيصَهُ،


(١) أخرج استعانةَ الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- بصفوان بن أمية وهو مشرك يوم حنين: الحاكم في المستدرك - كتاب البيوع - باب لا يجوزُ لامرأة أمر في مالها - رقم الحديث (٢٣٤٧) - وأخرجه الطحاوي في شرح مشكل الآثار - رقم الحديث (٤٤٥٤) - وأخرجه الإمام أحمد في مسنده - رقم الحديث (١٥٣٠٢).
(٢) الجَدْعُ: القطع. انظر النهاية (١/ ٢٣٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>