للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَخْرَجَ البَزَّارُ في مُسْنَدِهِ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ عَنْ عَلِيِّ بنِ أَبِي طَالِبٍ -رضي اللَّه عنه- قَالَ: يَا أيُّها النَّاسُ مَنْ أشْجَعُ النَّاسِ؟ فَقَالُوا: أَنْتَ يَا أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ، فَقَالَ: أمَا إِنِّي مَا بَارَزَنِي أَحَدٌ إِلَّا انْتَصَفْتُ مِنْهُ، وَلَكِنْ هُوَ أَبُو بَكْرٍ، إنَّا جَعَلْنَا لِرَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- عَرِيشًا، فَقُلْنَا مَنْ يَكُونُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- يَهْوِي إِلَيْهِ أَحَدٌ مِنَ المُشْرِكِينَ، فَوَاللَّهِ مَا دَنَا مِنَّا أحَدٌ إِلَّا أَبُو بَكْرٍ شَاهِرًا بِالسَّيْفِ عَلَى رَأْسِ رَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-، لَا يَهْوِي إِلَيْهِ أحَدٌ إِلَّا أَهْوَى عَلَيْهِ، فَهَذَا أشْجَعُ النَّاسِ (١).

* تَعْبِئَةُ (٢) الرَّسُولِ -صلى اللَّه عليه وسلم- أَصْحَابَهُ وَقَضَاؤُهُ اللَّيْلَ مُصَلِّيًا:

ثُمَّ صَفَّ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- أصْحَابَهُ، وعَبَّاَهُمْ لَيْلًا أحْسَنَ تَعْبِئَةٍ، وَذَلِكَ لَيْلَةَ الجُمُعَةِ السَّاجَ عَشَرَ مِنْ رَمَضانَ، وَجَعَلَ يَمْشِي في مَوْضِعِ المَعْرَكَةِ، وَجَعَلَ يُشِيرُ بِيَدِهِ في أَرْضِ الْمَعْرَكَةِ، وَيَقُولُ: "هَذَا مَصْرَعُ (٣) فُلَانٍ غَدًا، وَهَذَا مَصْرَعُ فُلَانٍ غَدًا إِنْ شاءَ اللَّهُ (٤)، وَيَضَعُ يَدَهُ عَلَى الأَرْضِ، هَهُنَا وَهَهُنَا". قَالَ أنَسٌ


(١) أورده الحافظ ابن كثير في البداية والنهاية (٣/ ٢٨٧) - والحافظ ابن حجر في الفتح (٧/ ٥٦٠).
(٢) يُقال: عبَّأتُ الجيش: أي رتبتهم في مواضعهم وهَيَّأتهم للحرب. انظر النهاية (٣/ ١٥٣).
(٣) المَصْرَع: هو موضع القتل. انظر جامع الأصول (٨/ ١٨١).
(٤) ذكرنا فيما تقدم أن رَسُول اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- أخبر أصحابه بمقتلِ رُؤُوس الكفار قبل ذلك.
قَالَ الحَافِظُ ابنُ كَثِيرٍ في البداية والنهاية (٣/ ٢٩٢): ولا مانع من الجمع بين ذلك، بأن يُخبر به قبل بيوم وأكثرَ، وأن يُخبر به قبل ذلك بساعة يوم الوقعة، واللَّه أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>