للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَحَاصَرَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- خَمْسًا وَعِشْرِينَ لَيْلَةً (١) حَتَّى اشْتَدَّتْ بِهِمُ الْحَالُ، وَأَيْقَنُوا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- غَيْرُ مُنْصَرِفٍ عَنْهُمْ حَتَّى يُنَاجِزَهُمْ (٢)، فَقَالَ لَهُمْ كَعْبُ بْنُ أَسَدٍ: يَا قَوْمُ! قَدْ نَزَلَ بِكُمْ مِنَ الْأَمْرِ مَا تَرَوْنَ، وَإِنِّي عَارِضٌ عَلَيْكُمْ خِلَالًا (٣) ثَلَاثًا، فَخُذُوا أَيَّهَا شِئْتُمْ، قَالُوا: مَا هِيَ؟

قَالَ: نُتَابعُ هَذَا الرَّجُلَ وَنُصَدِّقُهُ، فَوَاللَّهِ لَقَدْ تَبَيَّنَ لَكُمْ إِنَّهُ نَبِيٌّ مُرْسَلٌ، وَإِنَّهُ لَلَّذِي تَجِدُونَهُ فِي كِتَابِكُمْ، وَإِنَّهُ الذِي بَشَّرَ بِهِ عِيسَى، وَإِنَّكُمْ لَتَعْرِفُونَ صِفَتَهُ، فتَأْمَنُونَ عَلَى دِمَائِكُمْ وَأَمْوَالِكُمْ وَأَبْنَائِكُمْ وَنِسَائِكُمْ، فَأَبَوْا ذَلِكَ، وَقَالُوا: لَا نُفَارِقُ حُكْمَ التَّوْرَاةِ أَبَدًا، وَلَا نَسْتَبْدِلُ بِهِ غَيْرَهُ، قَالَ: فَإِذَا أَبَيْتُمْ عَلَيَّ هَذِهِ فَهَلُمَّ فَلْنَقْتُلْ أَبْنَاءَنَا وَنِسَاءَنَا ثُمَّ نَخْرُجْ إِلَى مُحَمَّدٍ وَأَصْحَابِهِ مُسْتَمِيتِينَ فِي الْقِتَالِ حَتَّى يَحْكُمَ اللَّهُ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُ، فَإِنْ نَهْلِكْ لَمْ نَتْرُكْ وَرَاءَنَا شَيْئًا نَخْشَى عَلَيْهِ، وَإِنْ نَغْلِبْ فَلَنْ نُعْدَمَ النِّسَاءَ وَالْأَبْنَاءَ، فَأَبَوْا ذَلِكَ، وَقَالُوا: نَقْتُلُ هَؤُلَاءِ الْمَسَاكِينَ؟ فَمَا خَيْرُ الْعَيْشِ بَعْدَهُمْ؟ .

قَالَ: فَإِنْ أَبَيْتُمْ عَلَيَّ هَذِهِ، فَإِنَّ اللَّيْلَةَ لَيْلَةُ السَّبْتِ وَإِنَّهُ عَسَى أَنْ يَكُون


(١) هذا هو الراجح في مدة حصار بني قريظة، وقد رواه الإمام أحمد في مسنده - رقم الحديث (٢٥٠٩٧) - وابن حبان في صحيحه - كتاب إخباره -صلى اللَّه عليه وسلم- عن مناقب الصحابة - باب ذكر سعد بن معاذ -رضي اللَّه عنه- رقم الحديث (٧٠٢٨) - وجَوَّدَ إسنادَهُ الحافظُ ابن كثير في البداية والنهاية (٤/ ٥٠٨).
(٢) الْمُنَاجَزَةُ في الحربِ: الْمُبَارَزَةُ. انظر النهاية (٥/ ١٨).
(٣) خِلَالُ: خِصَالٌ. انظر لسان العرب (٤/ ٢٠١).

<<  <  ج: ص:  >  >>