للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِأَبِي سَلَمَةَ، وَارْفَعْ دَرَجَتَهُ في المَهْدِيِّينَ وَاخْلُفْهُ في عَقِبِهِ في الغَابِرِينَ (١)، وَاغْفِرْ لَنَا وَلَهُ يَا رَبَّ العَالَمِينَ، وَافْسَحْ لَهُ في قَبْرِهِ، وَنَوِّرْ لَهُ فِيهِ" (٢).

وَأَخْرَجَ الإِمَامُ مُسْلِمٌ في صَحِيحِهِ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: لَمَّا مَاتَ أَبُو سَلَمَةَ، قُلْتُ: غَرِيبٌ وَفِي أَرْضِ غُرْبَةٍ (٣)، لَأَبْكِيَنَّهُ بُكَاءً يُتَحَدَّثُ عَنْهُ، فكُنْتُ قَدْ تَهَيَّاْتُ لِلْبُكَاءِ عَلَيْهِ، إِذْ أَقْبْلَتِ امْرَأَةٌ مِنَ الصَّعِيدِ (٤) تُرِيدُ أَنْ تُسْعِدَنِي (٥)، فَاسْتَقْبَلَهَا رَسُول اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- وَقَال: "أَتُرِيدِينَ أَنْ تُدْخِلِي الشَّيْطَانَ بَيْتًا أَخْرَجَهُ اللَّهُ مِنْهُ؟ " مَرَّتَيْنِ، فكَفَفْتُ (٦) عَنِ البُكَاءِ، فَلَمْ أَبْكِ (٧).

وَأَخْرَجَ الإِمَامُ مُسْلِمٌ في صَحِيحِهِ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّهَا قَالَتْ: سَمِعْتُ رَسُول اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- يَقُول: "مَا مِنْ مُسْلِمٍ تُصِيبُهُ مُصِيبَة، فَيَقُولُ: إنَّا للَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ، اللَّهُمَّ! أجُرْنِي في مُصِيبَتِي وَأَخْلِفْ لِي خَيْرًا مِنْهَا، إِلَّا أخْلَفَ اللَّهُ


(١) الغَابِرِين: أي البَاقِين، ومنه قوله تَعَالَى في سورة الأعراف آية (٨٣): {إِلَّا امْرَأَتَهُ كَانَتْ مِنَ الْغَابِرِينَ}. انظر النهاية (٣/ ٣٥٠).
(٢) أخرجه مسلم في صحيحه - كتاب الجنائز - باب في إغماض الميت والدعاء له - رقم الحديث (٩٢٠) - وأخرجه الإِمام أحمد في مسنده - رقم الحديث (٢٦٥٤٣).
(٣) قال الإِمام النووي في شرح مسلم (٦/ ١٩٩): معناه أنَّه من أهل مكة، وماتَ بالمَدِينة.
(٤) قال الإِمام النووي في شرح مسلم (٦/ ١٩٩): المراد بالصَّعِيد هنا عَوَالِي المدينة، وأصلُ الصَّعِيد ما كان على وَجْهِ الأرض.
(٥) قال الإِمام النووي في شرح مسلم (٦/ ١٩٩): تسعدني: أي تساعدني في البكاء والنياحة.
(٦) كفَفْتُ عن الشيءِ: إذا توقَّفْتُ عنه. انظر لسان العرب (١٢/ ١٢٥).
(٧) أخرجه مسلم في صحيحه - كتاب الجنائز - باب البكاء على الميت - رقم الحديث (٩٢٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>