للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فبارَزَ عُبَيْدَةُ -وَكَانَ أَسَنَّ مَنْ شَهِدَ بَدْرًا مِنَ المُسْلِمِينَ- عُتْبَةَ بنَ رَبِيعَةَ، وَبَارَزَ حَمْزَةُ شَيْبَةَ بنَ رَبِيعَةَ، وَبَارَزَ عَلِيٌّ الْوَليدَ بنَ عُتْبَةَ (١)، فَأَمَّا حَمْزَةُ وَعَلِيٌّ فَلَمْ يُمْهِلَا صَاحِبَيْهِمَا أَنْ قَتَلَاهُمَا، وَأَمَّا عُبَيْدَةُ فَاخْتَلَفَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ صَاحِبِهِ ضَرْبَتَانِ، فأثْخَنَ (٢) كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا صَاحِبَهُ، ثُمَّ كَرَّ (٣) حَمْزَةُ وَعَلِيٌّ عَلَى عُتْبَةَ فَقتَلَاهُ، وَاحْتَمَلَا عُبَيْدَةَ، فَجَاؤُوا بِهِ إِلَى الرَّسُولِ -صلى اللَّه عليه وسلم-، وَقَدْ قُطِعَتْ رِجْلُهُ، وَهُوَ يَنْزِفُ دَمًا، فَوَضَعَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- خَدَّ عُبَيْدَةَ -رضي اللَّه عنه- عَلَى قَدَمِهِ الشَّرِيفَةِ، فَقَالَ عُبَيْدَةُ لِرَسُولِ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: يَا رَسُولَ اللَّهِ! لَوْ كَانَ أَبُو طَالِبٍ حَيًّا لَعَلِمَ أَنِّي أَحَقُّ بِقَوْلهِ:

وَنُسْلِمُهُ حَتَّى نُصْرَعُ دُونَهُ ... وَنُذْهَلَ عَنْ أبْنَائِنَا وَالحَلَائِلِ


(١) قِصَّة المبارزة أخرجها الإمام أحمد في مسنده - رقم الحديث (٩٤٨) - وابن إسحاق في السيرة (٢/ ٢٣٧) - وابن سعد في طبقاته (٢/ ٢٥٧) وإسنادها صحيح. لكن روى أبو داود في سننه - كتاب الجهاد - باب في المبارزة - رقم الحديث (٢٦٦٥) - بسند صحيح، أن عبيدة بن الحارث بارَزَ الوليد بن عتبة، وحمزة بارز عتبة، وعليّ بارز شيبة.
قال الحافظ في الفتح (٨/ ٢٧) عن رواية أبي داود هذه: وهذا أصح الروايات، لكن الذي في السير من أن الذي بارزه عليّ هو الوليد هو المشهور وهو اللائق بالمقامِ؛ لأن عُبَيدة وشيبة كانا شيخين كعتبة وحمزة، بخلاف عليّ والوليد فكانا شابين.
وقد روى الطبراني بسند حسن عن عليّ -رضي اللَّه عنه- قال: أعَنْتُ أنا وحَمْزة عبيدة بن الحارث علي الوليد بن عتبة، فلم يَعِبِ النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- ذلك علينا، وهذا مُوَافق لِرِواية أبي داود، فاللَّه أعلم.
(٢) الإثْخَانُ في الشيء: المُبَالغة فيه والإكثار منه، يُقال: أثخَنَه المرض إذا أثقَلَه ووهنه. انظر النهاية (١/ ٢٠٣).
(٣) الكَرُّ: الرجوع. انظر لسان العرب (١٢/ ٦٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>