للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِدَارِ مُقَامٍ، قَدْ هَلَكَ الْخُفُّ (١) وَالْحَافِرُ (٢)، فَاغْدُوا (٣) لِلْقِتَالِ حَتَّى نُنَاجِزَ مُحَمَّدًا، وَنَفْرَغَ مِمَّا بَيْنَنَا وَبَيْنَهُ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِمْ بَنُو قُرَيْظَةَ: إِنَّ الْيَوْمَ يَوْمُ السَّبْتِ وَهُوَ يَوْمٌ لَا نَعْمَلُ فِيهِ شَيْئًا، وَقَدْ كَانَ أَحْدَثَ فِيهِ بَعْضُنَا حَدَثًا، فَأَصَابَهُ مَا لَمْ يَخْفَ عَلَيْكُمْ (٤)، وَلَسْنَا مَعَ ذَلِكَ بِالذِينَ نُقَاتِلُ مَعَكُمْ مُحَمَّدًا حَتَّى تُعْطُونَا رَهْنًا مِنْ رِجَالِكُمْ، يَكُوُنونَ بِأَيْدِينَا ثِقَةً لَنَا، حَتَّى نُنَاجِزَ مُحَمَّدًا، فَإِنَّا نَخْشَى إِنْ ضَرَّسَتْكُم (٥) الحَرْبُ، وَاشْتَدَّ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ أَنْ تَنْشَمِرُوا (٦) إِلَى بِلَادِكُمْ وَتَتْرُكُونَا وَالرَّجُلُ فِي بَلَدِنَا، وَلَا طَاقَةَ لَنَا بِذَلِكَ مِنْهُ.

فَلَمَّا رَجَعَتْ إِلَيْهِمُ الرُّسُلُ بِمَا قَالَتْ بَنُو قُرَيْظَةَ، قَالَتْ قُرَيْشٌ وَغَطفانُ: وَاللَّهِ إِنَّ الذِي حَدَّثَكُمْ نُعَيْمُ بْنُ مَسْعُودٍ لَحَقٌّ، فَأَرْسَلُوا إِلَى بَنِي قُرَيْظَةَ، إِنَّا وَاللَّهِ لَا نَدْفَعُ إِلَيْكُمْ رَجُلًا وَاحِدًا مِنْ رِجَالِنَا، فَإِنْ كُنْتُمْ تُرِيدُونَ الْقِتَالَ فَاخْرُجُوا فَقَاتِلُوا، فَقَالَتْ بَنُو قُرَيْظَةَ، حِينَ انْتَهَتِ الرُّسُلُ إِلَيْهِمْ بِهَذَا: إِنَّ الذِي ذَكَرَ لَكُمْ نُعَيْمُ بْنُ مَسْعُودٍ لَحَقٌّ، مَا يُرِيدُ القوْمُ إِلَّا أَنْ تُقَاتِلُوا فَإِنْ رَأَوْا فُرْصَةً انْتهَزُوهَا، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ ذَلِكَ انْشَمَرُوا إِلَى بِلَادِهِمْ، وَخَلَّوْا بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ الرَّجُلِ فِي بَلَدِكُمْ،


(١) أراد بالْخُفِّ: الْإِبِلَ. انظر النهاية (٢/ ٥٣).
(٢) الحَافِرُ: الخَيْلَ؛ لأنَّ الفرسَ بشدَّةِ دَوْسِهَا تَحْفُرُ الأرضَ. انظر النهاية (١/ ٣٩٠).
(٣) الغَدْوَةُ: سَيْرُ أولِ النَّهارِ. انظر النهاية (٣/ ٣١١).
(٤) الذي أصابهم هو أن حولهم اللَّه سبحانه وتَعَالَى إلى قردة وخنازير، كما ذكر سبحانه وتَعَالَى ذلك في سورة البقرة آية (٦٥ - ٦٦)، وسورة الأعراف آية (١٦٣ - ١٦٦).
(٥) ضَرَّسَتْهُ الحُرُوبُ تُضَرِّسُهُ ضَرَسًا: عضته. انظر لسان العرب (٨/ ٥١).
(٦) الانْشِمَارُ والاشْتِمَارُ: الْمُضِيُّ والنُّفُوذُ. انظر لسان العرب (٧/ ١٩١).

<<  <  ج: ص:  >  >>