للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَأَخْرَجَ الإِمَامُ البُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ عَنِ البَرَاءِ بنِ عَازِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: . . . وَكَانَ النَّبِيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- وَأَصْحَابهُ أَصَابُوا مِنَ المُشْرِكِينَ يَوْمَ بَدْرٍ أَرْبَعِينَ وَمِائَةً، سَبْعِينَ أَسِيرًا، وَسَبْعِينَ قَتِيلًا (١).

قَالَ الحَافِظُ فِي الفَتْحِ: هَذَا هُوَ الحَقُّ فِي عَدَدِ القَتْلَى، وَأَطْبَقَ أَهْلُ السِّيَرِ عَلَى أَنَّهُمْ خَمْسُونَ قَتِيلًا يَزِيدُونَ قَلِيلًا أَوْ يَنْقُصُونَ، سَرَدَهُمُ ابْنُ إِسْحَاقَ (٢) فَبَلَغُوا خَمْسِينَ، وَزَادَ الوَاقِدِيُّ ثَلَاثَةً أَوْ أَرْبَعَةً، وَأَطْلَقَ كَثِير مِنْ أَهْلِ المَغَازِي أَنَّهُمْ بِضْعَةٌ وَأَرْبَعُونَ لَكِنْ لَا يَلْزَمُ مِنْ مَعْرِفَةِ أسْمَاءِ مَنْ قُتِلَ مِنْهُمْ عَلَى التَّعْيِينِ أَنْ يَكُونُوا جَمِيعَ مَنْ قُتِلَ، وَقَوْلُ البَرَاءِ: إِنَّ عِدَّتَهُمْ سَبْعُونَ قَدْ وَافَقَهُ عَلَى ذَلِكَ ابنُ عَبَّاسٍ وَآخَرُونَ، وَأَخْرَجَ ذَلِكَ مُسْلِم مِنْ حَدِيثِ ابنِ عَبَّاسٍ، وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا} (٣)، وَاتفقَ أَهْلُ العلْمِ بِالتَّفْسِيرِ عَلَى أَنَّ المُخَاطَبِينَ بِذَلِكَ أَهْلُ أُحُدٍ، وَأَنَّ المُرَادَ بِأَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا يَوْمَ بَدْرٍ، وَعَلَى أَنَّ عِدَّةَ مَنِ اسْتُشْهِدَ مِنَ المُسْلِمِينَ بِأُحُدٍ سَبْعُونَ نَفْسًا، وَبِذَلِكَ جَزَمَ ابنُ هِشَامٍ، وَاسْتَدَلَّ له بِقَوْلِ كَعْبِ بنِ مَالِكٍ -رضي اللَّه عنه-:

فَأَقَامَ بِالطَّعْنِ المُطَعَّنِ مِنْهُمُ ... سَبْعُونَ عُتْبَة مِنْهُمْ وَالأَسْوَدُ

يَعْنِي عُتْبَةَ بنَ رَبِيعَةَ بنَ عَبْدِ شَمْسٍ، وَالأَسْوَدَ بنَ عَبْدِ الأَسَدِ بنَ هِلَالٍ


(١) أخرجه البخاري في صحيحه - كتاب المغازي - باب (١٠) - رقم الحديث (٣٩٨٦).
(٢) في السيرة (٢/ ٣٢١).
(٣) سورة آل عمران آية (١٦٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>