للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مُسْتَنْكَرٍ أَنْ يَكُونَ جَعْلُ الخِيَارِ فِي المَنِّ (١) وَالفِدَاءِ وَالقَتْلِ إِلَى الرَّسُولِ -صلى اللَّه عليه وسلم-، وَإِلَى القَائِمِينَ بَعْدَهُ بِأَمْرِ الأُمَّةِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنِ القَتْلُ مَذْكُورًا فِي هَذِهِ الآيَةِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ أَذِنَ بِقَتْلِهِمْ فِي آيَةٍ أُخْرَى، وَذَلِكَ قَوْله تَعَالَى: {فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ} الآية (٢)، بَلْ ذَلِكَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- كَذَلِكَ كَانَ يَفْعَلُ فِيمَنْ صَارَ أَسِيرًا فِي يَدِهِ مِنْ أَهْلِ الحَرْبِ، فَيَقْتُلُ بَعْضًا، وَيُفَادِي بِبَعْضٍ، وَيَمُنُّ عَلَى بعْضٍ، مِثْلَ يَوْمِ بَدْرٍ قتلَ عُقْبَةَ بنَ أَبِي مُعَيْطٍ، وَقَدْ أُتِيَ بِهِ أَسِيرًا، وَقَتَلَ بَنِي قرَيْظَةَ (٣)، وَقدْ نَزَلُوا عَلَى حُكْمِ سَعْدِ بنِ مُعَاذٍ -رضي اللَّه عنه-، وَصَارُوا فِي يَدِهِ سِلْمًا، وَهُوَ عَلَى فِدَائِهِمْ وَالمَنِّ عَلَيْهِمْ قَادِرٌ، وَفَادَى بِجَمَاعَةٍ أُسَارَى المُشْرِكِينَ الذِينَ أُسِرُوا بِبَدْرٍ، وَمَنَّ عَلَى ثُمَامَةَ بنِ أُثَالٍ الحَنَفِيِّ، وَهُوَ أَسِيرٌ فِي يَدِهِ (٤)، وَلَمْ يَزَلْ ذَلِكَ ثَابِتًا مِنْ سَيْرِهِ فِي أَهْلِ الحَرْبِ مِنْ لَدُنْ أَذِنَ اللَّهُ لَهُ بِحَرْبِهِمْ، إِلَى أَنْ قبضَهُ إِلَيْهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-، دَائِمًا ذَلِكَ فِيهِمْ (٥).


(١) مَنَّ عليه: أحسَنَ وأنْعَم. انظر لسان العرب (١٣/ ١٩٧).
(٢) سورة التوبة آية (٥).
(٣) أخرج قتل الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- بني قريظة: البخاري في صحيحه - كتاب المغازي - باب مرجع النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- من الأحزاب - رقم الحديث (٤١٢١) (٤١٢٢) - وأخرجه مسلم في صحيحه - كتاب الجهاد والسير - باب جواز قتال من نقض العهد - رقم الحديث (١٧٦٨).
(٤) أخرج مَن الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- على ثُمَامَةَ بن أثالٍ: البخاري في صحيحه - كتاب المغازي - باب وفد بني حنيفة وحديث ثمامة بن أثال - رقم الحديث (٤٣٧٢) - وأخرجه مسلم في صحيحه - كتاب الجهاد والسير - باب ربط الأسير وحبسه - رقم الحديث (١٧٦٤).
(٥) انظر كلام الإمام ابن جرير الطبري في تفسيره جامع البيان (١١/ ٣٠٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>