للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَقْضِيهِ عَنْكَ، وَعِيَالُكَ مَعَ عِيَالِي أُوَاسِيهِمْ مَا بَقُوا، لَا يَسَعُنِي شَيْءٌ وَيَعْجَزُ عَنْهُمْ، فَقَالَ له عُمَيْرٌ: فَاكْتُمْ شَأْنِي وَشَأنْكَ، قَالَ: أَفْعَلُ، ثُمَّ أَمَرَ عُمَيْرٌ بِسَيْفِهِ، فَشُحِذَ (١) لَهُ، وَسُمَّ، ثُمَّ انْطَلَقَ حَتَّى قَدِمَ المَدِينَةَ، فَبَيْنَا عُمَرُ بنُ الخَطَّابِ -رضي اللَّه عنه-، فِي نَفَرٍ مِنَ المُسْلِمِينَ يَتَحَدَّثُونَ عَنْ يَوْمِ بَدْرٍ، وَيَذْكُرُونَ مَا أَكْرَمَهُمُ اللَّهُ بِهِ، وَمَا أَرَاهُمْ بِهِ مِنْ عَدُوِّهِمْ، إِذْ نَظَرَ عُمَرُ -رضي اللَّه عنه- إِلَى عُمَيْرِ بنِ وَهْبٍ حِينَ أنْاخَ (٢) عَلَى بَابِ المَسْجِدِ مُتَوَشِّحًا (٣) السَّيْفَ، فَقَالَ عُمَرُ -رضي اللَّه عنه-: هَذَا الكَلْبُ عَدُوُّ اللَّهِ عُمَيْرُ بنُ وَهْبٍ، وَاللَّهِ مَا جَاءَ إِلَّا لِشَرٍّ، وَهُوَ الذِي حَرَّشَ (٤) بَيْنَنَا وَحَزَرَنَا (٥) لِلْقَوْمِ يَوْمَ بَدْرٍ، ثُمَّ دَخَلَ عُمَرُ -رضي اللَّه عنه- عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- فَقَالَ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ! هَذَا عَدُوُّ اللَّهِ عُمَيْرُ بنُ وَهْبٍ قَدْ جَاءَ مُتَوَشِّحًا سَيْفَهُ، قَالَ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "فَأَدْخِلْهُ عَلَيَّ" فَأَقْبَلَ عُمَرُ حَتَّى أَخَذَ بِحِمَالَةِ سَيْفِهِ (٦) فِي عُنُقِهِ فَلَبَّبَهُ (٧) بِهَا، وَقَالَ لِرِجَالٍ مِمَّنْ كَانُوا مَعَهُ مِنَ الأَنْصَارِ: ادْخُلُوا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- فَاجْلِسُوا عِنْدَهُ، وَاحْذَرُوا عَلَيْهِ مِنْ هَذَا الخَبِيثِ، فَإِنَّهُ غَيْرُ مَأْمُونٍ، ثُمَّ دَخَلَ بِهِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-، فَلَمَّا رَآهُ رَسُولُ اللَّهِ


= شُغْله الأول. انظر لسان العرب (٩/ ٣٦٧).
(١) يُقال: شَحَذْت السيف والسكين: إذا حدَدْتُه بالمسن. انظر النهاية (٢/ ٤٠٢).
(٢) أنَاخَ الإبل: أبْرَكَها فبركت. انظر لسان العرب (١٤/ ٣١٢).
(٣) توَشَّحَ الرجلُ بِسَيفه: أي لَبِسَه. انظر لسان العرب (١٥/ ٣٠٦).
(٤) حرَّشَ بينهم: أفْسَدَ وأغْرَى بعضهم ببعض. انظر لسان العرب (٣/ ١٢٣).
(٥) حَزَرَه: قَدَّرَه. انظر لسان العرب (٣/ ١٥٠).
(٦) حمالة السيف: عِلّاقته. انظر لسان العرب (٣/ ٣٣٤).
(٧) لَبَّبْتُ الرجلَ: إذا جعلتُ في عُنُقِه ثوبًا أو غيره وجَرَرْتُه به. انظر النهاية (٤/ ١٩٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>