للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَوَالِيَّ، أَرْبَعَمِائَةِ حَاسِرٍ (١) وَثَلاثُمِائَةِ دَارعٍ قَدْ مَنَعُونِي مِنَ الأَحْمَرِ وَالأَسْوَدِ، تَحْصُدُهُمْ فِي غَدَاةٍ وَاحِدَةٍ؟ ، إِنِّي وَاللَّهِ امْرُؤٌ أَخْشَى الدَّوَائِرَ (٢)، فَقَالَ رَسُول اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "هُمْ لَكَ" (٣).

وَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- أَنْ يُجْلَوْا (٤) مِنَ المَدِينَةِ بِذَرَارِيهِمْ وَنِسَائِهِمْ، وَأَمْهَلَهُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، وَوَكَّلَ بِإِخْرَاجِهِمْ مِنْهَا عُبَادَةَ بنَ الصَّامِتِ -رضي اللَّه عنه-.

فَأَخَذَهُمْ عُبَادَةُ -رضي اللَّه عنه- بِالرَّحِيلِ وَالإِجْلَاءِ، وَطَلَبُوا التَّنَفُّسَ (٥)، فَقَالَ لَهُمْ عُبَادَةُ: وَلَا سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ، لَكُمْ ثَلَاثٌ لَا أَزِيدُكُمْ عَلَيْهَا، هَذَا أَمْرُ رَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-، وَلَوْ كُنْتُ أَنَا مَا نَفَّسْتُكُمْ، فَلَمَّا مَضَتْ ثَلَاثٌ خَرَجَ فِي آثَارِهِمْ حَتَّى سَلَكُوا إِلَى الشَّامِ، وَبَلَغَ خَلْفَ ذُبَابٍ (٦)، ثُمَّ رَجَعَ.

رَوَى الشَّيْخَانِ فِي صَحِيحَيْهِمَا عَنِ ابنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: أَنَّ يَهُودَ بَنِي النَّضِيرِ وَقُرَيْظَةَ حَارَبُوا رَسُولَ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-، فَأَجْلَى رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- بَنِي النَّضِيرِ، وَأَقَرَّ قُرَيْظَةَ، وَمَنَّ عَلَيْهِمْ، حَتَّى حَارَبَتْ قُرَيْظَةُ بَعْدَ ذَلِكَ، فَقتَلَ


(١) الحَاسِرُ: هو الذي لا دِرْعَ عليه ولا مِغْفَر، والمِغْفَر: هو ما يلبسه الدارع على رأسه. انظر النهاية (١/ ٣٦٩) (٣/ ٣٣٦).
(٢) الدائرة: أي الغَلَبَة. انظر النهاية (٢/ ١٣٠).
(٣) أخرج ذلك ابن إسحاق في السيرة (٣/ ٥٤) وإسناده مرسل صحيح.
(٤) الجَلَاءُ: الخُرُوج عن البلد. انظر لسان العرب (٢/ ٣٤٣).
(٥) يُقال: لك في هذا الأمر نُفَسَة: أي مُهْلة. انظر لسان العرب (١٤/ ٢٣٦).
(٦) ذُباب: هو جبلٌ بالمدينة. انظر النهاية (٢/ ١٤١).

<<  <  ج: ص:  >  >>