للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَقَدْ أَخْرَجَ ابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ بِسَنَدٍ حَسَنٍ لِغَيْرِهِ عَنْ أَبِي بُرْدَةَ بنِ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ قَالَ: دَخَلَتِ امْرَأَةُ عُثْمَانَ بنِ مَظْعُونٍ عَلَى نِسَاءِ النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، فَرَأَيْنَهَا سَيِّئَةَ الهَيْئَةِ، فَقُلْنَ لَهَا: مَالَكِ؟ فَمَا فِي قُرَيْشٍ أَغْنَى مِنْ بَعْلِكِ (١)! قَالَتْ: مَا لَنَا مِنْهُ شَيْءٌ؟ أَمَّا لَيْلُهُ فَقَائِمٌ، وَأَمَّا نَهَارُهُ فَصَائِمٌ (٢).

وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرَادَ بِعَمَلِ عُثْمَانَ بنِ مَظْعُونٍ -رضي اللَّه عنه- مُرَابَطَتُهُ فِي جِهَادِ أَعْدَاءِ اللَّهِ، فَإِنَّهُ مِمَّنْ يَجْرِي لَهُ عَمَلُهُ كَمَا ثَبَتَ فِي السُّنَنِ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ مِنْ حَدِيثِ فَضَالَةَ بنِ عُبَيْدٍ يُحَدِّثُ عَنْ رَسُول اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- قَالَ: "كُلُّ مَيِّتٍ يُخْتَمُ عَلَى عَمَلِهِ إِلَّا الذِي مَاتَ مُرَابِطًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ، فَإِنَّهُ يَنْمُو عَمَلُهُ إِلَى يَوْمِ القِيَامَةِ، وَيَأْمَنُ فِتْنَةَ القَبْرِ" (٣).

وَلَهُ شَاهِدٌ عِنْدَ مُسْلِمٍ فِي صَحِيحِهِ وَالنَّسَائِيِّ مِنْ حَدِيثِ سَلْمَانَ -رضي اللَّه عنه- قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "رِبَاطُ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ خَيْرٌ مِنْ صِيَامِ شَهْرٍ وَقِيَامِهِ، وَإِنْ مَاتَ جَرَى عَلَيْهِ عَمَلُهُ الذِي كَانَ يَعْمَلُهُ، وَأُجْرِيَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ، وَأَمِنَ الفَتَّانَ" (٤).


(١) البَعْلُ: الزَّوْجُ. انظر النهاية (١/ ١٤٠).
ومنه قوله تعالى في سورة النساء آية (١٢٨): {وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا. . .}.
(٢) أخرجه ابن حبان في صحيحه - رقم الحديث (٣١٦).
(٣) أخرجه أبو داود في سننه - كتاب الجهاد - باب في فضل الرباط - رقم الحديث (٢٥٠٠) - وابن حبان في صحيحه - كتاب السير - باب ذكر انقطاع الأعمال بعد الموت وبقاء عمل المرابط - رقم الحديث (٤٦٢٤) - والإمام أحمد في مسنده - رقم الحديث (٢٣٩٥١).
(٤) أخرجه مسلم في صحيحه - كتاب الإمارة - باب فضل الرباط في سبيل اللَّه عَزَّ وَجَلَّ - =

<<  <  ج: ص:  >  >>