للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وتَعَاقَدُوا، وتَحَالفوا بِاللَّهِ، لَيَكُونُنَّ يَدًا وَاحِدَةً مَعَ المَظْلُومِ عَلَى الظَّالِمِ، حتَّى يُرَدَّ عَلَيْهِ حَقُّهُ، فَسَمَّتْ قُرَيْشٌ هَذَا الحِلْفَ (حِلْفَ الفُضُولِ) وقَالُوا: لَقَدْ دَخَلَ هَؤُلَاءَ في فَضْلٍ مِنَ الأَمْرِ، ثُمَّ مَشَوْا إِلَى العَاصِ بنِ وَائِلٍ، فَانتزَعُوا مِنْهُ سِلْعَةَ الزُّبَيْدِيِّ فَدَفَعُوهَا إِلَيْهِ.

وقِيلَ: سُمِّيَ حِلْفَ الفُضُولِ، لِأَنَّ أَوَّلَ مَنْ دُعِيَ إِلَيْهِ، ثَلَاثَةٌ، كُلُّهُمُ اسْمُهُ الفَضْلُ، وهُمْ: الفَضْلُ بنُ فُضَالة، والفَضْلُ بنُ وَدَاعَةَ، والفَضْلُ بنُ الحَارِثِ (١).

وقَدْ شَهِدَ رسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- هذَا الحِلْفَ، فَقَدْ رَوَى الْحُمَيْدِيُّ عَنْ مُحَمَّدٍ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ ابْنَيْ أَبِي بَكْرٍ قَالَا: قَالَ رسُولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لَقَدْ شَهِدْتُ في دَارِ عَبْدِ اللَّهِ بنِ جَدْعَانَ (٢) حِلْفًا، لَوْ دُعِيتُ بِهِ في الإِسْلَامِ لَأَجَبْتُ" (٣).

ورَوَى الإِمَامُ أَحْمَدُ في مُسْنَدِهِ وابْنُ حِبَّانَ في صَحِيحِهِ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ عَنْ


(١) انظر سيرة ابن هشام (١/ ١٦٩) - الروض الأنف (٢/ ٢٤٢).
(٢) عبدُ اللَّهِ بنُ جَدْعَان: رجُلٌ من بني تَميم بن تَيْمِ بن مُرَّة، في قريش، وهو ابنُ عَمِّ والد أبي بكر الصديق -رضي اللَّه عنه-، وكان شَريفًا من أشْرَافها، وكان أحد الأجْوَاد المَشْهُورين في الجاهلية، وكان كثير الطعام، أدرَكَ رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قبْلَ البِعْثَةِ. انظر كتاب الأعلام للزركلي (٤/ ٧٦).
روى الإمام مسلم في صحيحه - رقم الحديث (٢١٤) عن عائشة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قالت: قلت: يا رسول اللَّه، ابن جدعان، كان في الجاهلية يَصِلُ الرَّحِمَ، ويُطْعِمُ المسكين، فهل ذاك يَنْفعُهُ؟ ، فقال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لا يَنْفَعُهُ، إنه لمْ يَقُلْ يومًا: رَبِّ اغفِرْ لِي خَطِيئَتِي يومَ الدِّينِ".
(٣) أخرجه الحُمَيدي فيما نقله الحافظ ابن كثير في البداية والنهاية (٢/ ٦٩٦) - وإسناده صحيح.

<<  <  ج: ص:  >  >>