للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَفِيهِمْ نَزَلَ قَوْلَهُ تَعَالَى: {حَتَّى إِذَا فَشِلْتُمْ وَتَنَازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ وَعَصَيْتُمْ مِنْ بَعْدِ مَا أَرَاكُمْ مَا تُحِبُّونَ (١) مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيَا (٢) وَمِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الْآخِرَةَ (٣)} (٤).

وَالقُرْآنُ يُسَلِّطُ الضَّوْءَ عَلَى خَفَايَا القُلُوبِ، التِي مَا كَانَ المُسْلِمُونَ أَنْفُسُهُمْ يَعْرِفُونَ وُجُودَهَا في قُلُوبِهِمْ (٥).

فَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ بنُ مَسْعُودٍ -رضي اللَّه عنه- يَقُولُ: فَلَوْ حَلَفْتُ يَوْمَئِذٍ رَجَوْتُ أَنْ أَبَرَّ، إِنَّهُ لَيْسَ أَحَدٌ مِنَّا يُرِيدُ الدُّنْيَا، حَتَّى أَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الْآخِرَةَ ثُمَّ صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ لِيَبْتَلِيَكُمْ} (٦).

وَبِذَلِكَ يَضَعُ قُلُوبَهُمْ أَمَامَهُمْ مَكْشُوفَةً بِمَا فِيهَا، وَيُعَرِّفُهُمْ مِنْ أَيْنَ جَاءَتْهُمُ الهَزِيمَةُ لِيَتَّقُوهَا (٧).


(١) قال البراء بن عازب -رضي اللَّه عنه- في تفسير هذه الآية، كما رواه عنه الإمام أحمد في مسنده بسند صحيح - رقم الحديث (١٨٦٠٠): أي عصيتُمْ الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- من بعد ما أرَاكم الغَنَامْ وهزيمَةَ العدو.
(٢) قال الإمام القرطبي في تفسيره (٥/ ٣٦٣): أي الغنيمة.
(٣) قال الإمام القرطبي في تفسيره (٥/ ٣٦٣): هم الذين ثبتوا في مراكِزِهِم، ولم يُخَالفوا أمر نبيهم -صلى اللَّه عليه وسلم- مع أمِيرِهم عبد اللَّه بن جبير -رضي اللَّه عنه-.
(٤) سورة آل عمران آية (١٥٢).
(٥) انظر في ظلال القرآن (١/ ٤٩٤).
(٦) أخرج هذا الأثر عن عبد اللَّه بن مسعود -رضي اللَّه عنه-: الإمام أحمد في مسنده - رقم الحديث (٤٤١٤) - وإسناده حسن لغيره.
(٧) انظر في ظلال القرآن (١/ ٤٩٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>