للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَا يُصَلَّى عَلَيْهِ، وَهُوَ قَوْلُ أَهْلِ المَدِينَةِ، وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ، وَالشَّافِعِيُّ (١)، وَأَحْمَدُ، وَذَهَبَ قَوْمٌ إِلَى أَنَّهُ يُصَلَّى عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ رُوِيَ أَنَّ النَّبِيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- صَلَّى عَلَى حَمْزَةَ -رضي اللَّه عنه-، وَهُوَ قَوْلُ الثَّوْرِيِّ، وَأَصْحَابِ الرَّأْي، وَبِهِ قَالَ إِسْحَاقُ (٢).

وَقَالَ ابنُ القَيِّمِ فِي تَهْذِيبِ السُّنَنِ: وَالصَّوَابُ فِي المَسْأَلةِ أَنَّهُ مُخَيَّرٌ بَيْنَ الصَّلَاةِ عَلَيْهِمْ، وَتَرْكِهَا لِمَجِيءِ الآثَارِ بِكُلِّ وَاحِدٍ مِنَ الأَمْرَيْنِ، وَهَذَا إِحْدَى الرِّوَايَاتِ عَنِ الإِمَامِ أَحْمَدَ، وَهِيَ الأَلْيَقُ بِأُصُولهِ وَمَذْهَبِهِ (٣).

وَأَمَّا قَوْلُ أَنَسٍ -رضي اللَّه عنه-: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- لَمْ يُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنَ الشُّهَدَاءِ يَعْنِي شُهَدَاءَ أُحُدٍ غَيْرَ حَمْزَةَ -رضي اللَّه عنه-.

فَقَدْ قَالَ الإِمَامُ الطَّحَاوِيُّ فِي شَرْحِ المُشْكِلِ: وَقَدْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ فَعَلَ ذَلِكَ مِنَ الصَّلَاةِ عَلَى حَمْزَةَ، وَمِنْ تَرْكِ الصَّلَاةِ عَلَى غَيْرِهِ لِمَا أَشْغَلَهُ يَوْمَئِذٍ مِمَّا كَانَ نَزَلَ بِهِ فِي وَجْهِهِ الشَّرِيفِ -صلى اللَّه عليه وسلم-، وَمِنْ هَشْمِ البَيْضَةِ عَلَى رَأْسِهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- (٤).


(١) قال الإمام الشافعي رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى في "الأم" فيما نقله عنه الحافظ في الفتح (٣/ ٥٧١): جاءت الأخبار كأنها عيان من وجوه متواترة أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- لم يُصل على قتلى أُحد، وما روي أنه صلى عليهم وكبّر على حمزة سبعين تكبيرة لا يصح، وقد كان ينبغي لمن عارض بذلك هذه الأحاديث الصحيحة أن يستحي على نفسه.
(٢) انظر شرح السنة (٥/ ٣٦٦) للإمام البغوي رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى.
(٣) انظر تهذيب السنن (٤/ ٢٩٥) لابن القيم رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى.
(٤) انظر شرح مشكل الآثار (١٢/ ٤٣٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>