للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

البُخَارِيِّ عَنْ عُمَرَ بنِ أَبِي سَلَمَةَ -رضي اللَّه عنه- قَالَ: أَنَّ أُمَّ سَلَمَةَ لَمَّا انْقَضَتْ عِدَّتُهَا، أَرْسَلَ إِلَيْهَا رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- فَخَطَبَهَا، فَقَالَتْ: مَرْحبًا بِرَسُولِ اللَّهِ، إِنَّ فِيَّ خِلَالًا (١) ثَلَاثًا: أَنَا امْرَأَةٌ شَدِيدَةُ الغَيْرَةِ، وَأَنَا امْرَأَةٌ مُصْبِيَةٌ (٢)، وَأَنَا امْرَأَةٌ لَيْسَ مِنْ أَوْليَائِي أَحَدٌ شَاهِدًا يُزَوِّجُنِي.

فَأَتَاهَا رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-، فَقَالَ: "أَمَّا مَا ذَكَرْتِ مِنْ غَيْرَتِكِ، فَإِنِّي أَدْعُو اللَّهَ أَنْ يُذْهِبَهَا عَنْكِ، وَأَمَّا مَا ذَكَرْتِ مِنْ صِبيتِكِ، فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى سَيَكْفِيهِمْ، وَأَمَّا مَا ذَكَرْتِ مِنْ أنَّهُ لَيْسَ أَحَدٌ مِنْ أَوْلِيَائِكِ شَاهِدًا فَيُزَوِّجُكَ، فَإِنَّهُ لَيْسَ أَحَدُ أَوْلِيَائِكِ شَاهِدًا وَلَا غَائِبًا يَكْرَهُنِي".

فَقَالَتْ لِابْنِهَا (٣):


(١) خِلَال: أي خِصَال. انظر لسان العرب (٤/ ٢٠١).
(٢) مُصْبِيَة: بضم الميم وسكون الصاد وكسر الباء: أي ذات صبيان. انظر النهاية (٣/ ١١).
(٣) قلتُ: اختلف فيمن وَليَ زواجَ الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- من أمِّ سلمة، فقيل عُمَرُ بن أبي سلمة، كما روى ذلك الطحاوي - رقم الحديث (٥٧٥١) - والإمام أحمد في مسنده - رقم الحديث (٢٦٦٦٩).
قال ابن القيم في زاد المعاد (١/ ١٠٥): ظنَّ بعض الرواة أنه ابنها عمر، فرواه بالمعنى، وقال: فقالت لابنها، وذَهِلَ عن تعذُّر ذلك عليه لصِغَرِ سنه، إذ كان له من العمر يومئذ ثلاث سنين؛ لأن رَسُول اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- تزوجها في سنة أربع، ومات -صلى اللَّه عليه وسلم- ولعمر تسع سنين.
قلت: ومما يؤكد صغر سن عمر بن أبي سلمة -رضي اللَّه عنه- ما أخرجه البخاري في صحيحه - رقم الحديث (٥٣٧٦) - ومسلم في صحيحه - رقم الحديث (٢٠٢٢) عن عمر بن أبي سلمة -رضي اللَّه عنه- قال: كنت غلامًا في حِجْرِ رَسُول اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-، وكانت يدي تَطِيشُ في الصَّحْفَةِ، فقال لي: "يا غُلَام! سَمِّ اللَّه، وكُلْ بيمينك، وكُلْ مما يَلِيك".
قَالَ الحَافِظُ في الفَتْحِ (١٠/ ٦٥٤): قوله (غلامًا): أي دون البلوغ، يُقال للصبي من =

<<  <  ج: ص:  >  >>