للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بنَ مُحَمَّدٍ، حَتَّى نزلَ في القُرْآنُ: {ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ} (١).

فَلَمَّا خَطَبَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- زَيْنَبَ بِنْتَ جَحْشٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا لِزَيْدِ بنِ حَارِثَةَ -رضي اللَّه عنه- ظَنَّتْ أَنَّهُ يُرِيدُهَا لِنَفْسِهِ -رضي اللَّه عنه-، فَلَمَّا عَلِمَتْ أَنَّهُ يُرِيدُهَا لِزَيْدٍ أَبَتْ، فَقَدْ أَخْرَجَ الإِمَامُ ابْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ فِي تَفْسِيرِهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: خَطَبَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- زَيْنَبَ بِنْتَ جَحْشٍ لِزَيْدِ بنِ حَارِثَةَ -رضي اللَّه عنه-، فَاسْتَنْكَفَتْ (٢) مِنْهُ، وَقَالَتْ: أَنِا خَيْرٌ مِنْهُ حَسَبًا، وَكَانَتِ امْرَأَةً فِيهَا حِدَّةٌ (٣)، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا} (٤).

فَلَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ قَالَتْ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: قَدْ رَضِيتَهُ لِيَ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَنْكَحًا (٥)؟ قَالَ: "نَعَمْ"، قَالَتْ: إِذَنْ لَا أَعْصِي رَسُولَ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-، قَدْ أَنْكَحْتُهُ نَفْسِي (٦).


(١) سورة الأحزاب آية (٥) - والحديث أخرجه البخاري في صحيحه - كتاب التفسير - باب {ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ} - رقم الحديث (٤٧٨٢) - وأخرجه مسلم - كتاب الفضائل - باب فضائل زيد بن حارثة وأسامة بن زيد رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - رقم الحديث (٢٤٢٥).
(٢) اسْتَنْكَفَ عن الأمر: امتَنَعَ. انظر لسان العرب (١٤/ ٢٨٦).
ومنه قوله تعالى في سورة النساء آية (١٧٢): {. . وَمَنْ يَسْتَنْكِفْ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيَسْتَكْبِرْ فَسَيَحْشُرُهُمْ إِلَيْهِ جَمِيعًا}.
(٣) الحِدَّة: ما يعتري الإنسان من الغَضَب. انظر لسان العرب (٣/ ٨٠).
(٤) سورة الأحزاب آية (٣٦) - والخبر أورده الإمام ابن جرير الطبري رحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى في تفسيره (١٠/ ٣٠١).
(٥) مَنكحًا: أي زوجًا. انظر النهاية (٥/ ١٠٠).
(٦) انظر تفسير الطبري (١٠/ ٣٠١).

<<  <  ج: ص:  >  >>