للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَتْ: فَأَمَّا أَنَا حِينَ رَأَيْتُ مِنْ ذَلِكَ مَا رَأَيْتُ، فَوَاللَّهِ مَا فَزِعْتُ وَلَا بَالَيْتُ، قَدْ عَرَفْتُ أَنِّي بَرِيئَةٌ، وَأَنَّ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ غَيْرُ ظَالِمِي، وَأَمَّا أَبَوَايَ، فَوَالذِي نَفْسُ عَائِشَةَ بِيَدِهِ مَا سُرِّيَ (١) عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- حَتَّى ظَنَنْتُ لَتَخْرُجَنَّ أَنْفُسُهُمَا، فَرَقًا مِنْ أَنْ يَأْتِيَ مِنَ اللَّهِ تَحْقِيقُ مَا قَالَ النَّاسُ.

فَلَمَّا سُرِّيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- سُرِّيَ عَنْهُ وَهُوَ يَضْحَكُ، فَكَانَتْ أَوَّلُ كَلِمَةٍ تَكَلَّمَ بِهَا أَنْ قَالَ: "يَا عَائِشَةُ! أَمَّا اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فَقَدْ بَرَّأَكِ" (٢).

فَقَالَتْ أُمِّي: قُومِي إِلَيْهِ.

فَقُلْتُ: وَاللَّهِ لَا أَقُومُ إِلَيْهِ، وَلَا أَحْمَدُ إِلَّا اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ.

وَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: {إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ (٣) عُصْبَةٌ مِنْكُمْ لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ مَا اكْتَسَبَ مِنَ الْإِثْمِ وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ (٤) (١١) لَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنْفُسِهِمْ خَيْرًا وَقَالُوا هَذَا إِفْكٌ مُبِينٌ (١٢) لَوْلَا جَاءُوا عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَإِذْ لَمْ يَأْتُوا بِالشُّهَدَاءِ فَأُولَئِكَ عِنْدَ اللَّهِ هُمُ الْكَاذِبُونَ (١٣) وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ لَمَسَّكُمْ فِي مَا أَفَضْتُمْ فِيهِ


(١) قال الحافظ في الفتح (٩/ ٤١٨): سُرِّي: بضم السين وتشديد الراء المكسورة: أي كشف.
(٢) أخرج ذلك ابن إسحاق في السيرة (٣/ ٣٣٠).
(٣) قَالَ الحَافِظُ ابنُ كَثِيرٍ فِي تفسيره (٦/ ٢٥): أي بالكذب والبهت والافتراء.
(٤) هو عبد اللَّه بن أُبي بن سلول قبحه اللَّه.

<<  <  ج: ص:  >  >>