للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حِصْنٍ الفزَارِيِّ وَإِلَى الْحَارِثِ بْنِ عَوْفٍ الْمُرِيِّ -وَهُمَا قَائِدَا غَطفانَ- لِيُصَالِحَهُمَا عَلَى إِعْطَائِهِمَا ثُلُثَ ثِمَارِ الْمَدِينَةِ عَلَى أَنْ يَرْجِعَا بِمَنْ مَعَهُمَا عَنْهُ وَعَنْ أَصْحَابِهِ، فَقَبِلَا وَجَرَتِ الْمُرَاوَضَةُ (١) عَلَى ذَلِكَ.

فَلَمَّا أَرَادَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- أَنْ يَفْعَلَ ذَلِكَ بَعَثَ إِلَى السَّعْدَيْنِ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ وَسَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُمَا وَاسْتَشَارَهُمَا فِيهِ، فَقَالَا لَهُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! أَمْرًا تُحِبُّهُ فنَصْنَعُهُ؟ أَمْ شَيْئًا أَمَرَكَ اللَّهُ بِهِ لابُدَّ مِنَ الْعَمَلِ بِهِ؟ أَمْ شَيْئًا تَصْنَعُهُ لَنَا؟

فَقَالَ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "بَلْ شَيْءٌ أَصْنَعُهُ لَكُمْ، وَاللَّهِ مَا أَصْنَعُ ذَلِكَ إِلَّا لِأنَّنِي رَأَيْتُ الْعَرَبَ رَمَتْكُمْ عَنْ قَوْسٍ وَاحِدَةٍ، وَكَالَبُوكُمْ (٢) مِنْ كُلِّ جَانِبٍ، فَأَرَدْتُ أَنْ أَكْسِرَ عَنْكُمْ مِنْ شَوْكَتِهِمْ (٣) إِلَى أَمْرٍ مَا".

فَقَالَ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ -رضي اللَّه عنه-: يَا رَسُولَ اللَّهِ! قَدْ كُنَّا نَحْنُ وَهَؤُلَاءَ الْقوْمِ عَلَى الشِّرْكِ بِاللَّهِ وَعِبَادَةِ الْأَوْثَانِ لَا نَعْبُدُ اللَّهَ وَلَا نَعْرِفُهُ وَهُمْ لَا يَطْمَعُونَ أَنْ يَأَكُلُوا مِنْهَا ثمَرَةَ إِلَّا قِرًى (٤) أَوْ بَيْعًا، أَفَحِينَ أَكْرَمَنَا اللَّهُ بِالْإِسْلَامِ، وَهَدَانَا لَهُ وَأَعَزَّنَا بِكَ وَبِهِ


(١) المُرَاوَضَةُ: هو أَنْ تواصِفَ الرَّجُلَ بالسِّلْعَةِ ليسَتْ عِندَكَ. انظر النهاية (٢/ ٢٥١).
(٢) يُقالُ: هم يَتَكَالَبُونَ على كذا: أي يَتَوَاثَبُونَ عليه. انظر لسان العرب (١٢/ ١٣٦).
(٣) الشَّوْكَةُ: شِدَّةُ البَأْسِ. انظر لسان العرب (٧/ ٢٤٠).
(٤) قَرَى الضَّيْفَ: أَضَافَهُ. انظر لسان العرب (١١/ ١٤٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>