للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَجَلَسْتُ إِلَى الْأَرْضِ، فَمَرَّ سَعْدٌ وَعَلَيْهِ دِرْعٌ مِنْ حَدِيدٍ، قَدْ خَرَجَتْ مِنْهَا أَطْرَافُهُ، فَأنَا أَتَخَوَّفُ عَلَى أَطْرَافِ سَعْدٍ، قَالَتْ: وَكَانَ سَعْدٌ مِنْ أَعْظَمِ النَّاسِ وَأَطْوَلهِمْ، فَمَرَّ وَهُوَ يَرْتَجِزُ يَقُولُ:

لَبِّثْ قَلِيلًا يُدْرِكُ الْهَيْجَا (١) حَمَلْ ... مَا أَحْسَنَ الْمَوْتَ إِذَا حَانَ الْأَجَلْ

قَالَتْ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: . . . وَرَمَى سَعْدًا رَجُلٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ مِنْ قُرَيْشٍ يُقَالُ لَهُ حِبَّانُ بْنُ الْعَرِقَةِ بِسَهْمٍ لَهُ، فَقَالَ لَهُ: خُذْهَا وَأَنَا ابْنُ الْعَرِقَةِ، فَأَصَابَ أَكْحَلَهُ، فَقَطَعَهَا (٢).

وَفِي رِوَايَةِ جَابِرٍ -رضي اللَّه عنه- عِنْدَ مُسْلِمٍ فِي الصَّحِيحِ، وَالطَّحَاوِيِّ فِي شَرْحِ مُشْكِلِ الْآثَارِ -وَاللَّفْظُ لَهُ- قَالَ جَابِرٌ -رضي اللَّه عنه-: . . . فَحَسَمَهُ (٣) رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- بِالنَّارِ، فَانْتَفَخَتْ يَدُهُ، فتَرَكَهُ، فنَزَفَهُ الدَّمُ، فَحَسَمَهُ أُخْرَى، فَانْتفَخَتْ يَدُهُ، فَلَمَّا رَأَى سَعْدٌ ذَلِكَ، قَالَ: اللَّهُمَّ لَا تُخْرِجْ نَفْسِي (٤) حَتَّى تُقِرَّ عَيْنِي (٥) مِنْ بَنِي قُرَيْظَةَ،


(١) الْهَيْجَا: الحُرُوبُ. انظر النهاية (٥/ ٢٤٧).
(٢) أخرجه الإمام أحمد في مسنده - رقم الحديث (٢٥٠٩٧) - وأخرجه ابن حبان في صحيحه - كتاب مناقب الصحابة - باب ذكر وصف دعاء سعد بن معاذ -رضي اللَّه عنه- رقم الحديث (٧٠٢٨).
(٣) قال النووي رَحِمَهُ اللَّهُ في شرح صحيح مسلم (١٤/ ١٦٤): حَسَمَهُ: أي كَوَاهُ ليقطعَ دَمَهُ، وأَصْلُ الحَسْمِ القَطْعُ.
(٤) في رواية الإمام أحمد في مسنده - رقم الحديث (٢٥٠٩٧) - وابن حبان في صحيحه - رقم الحديث (٧٠٢٨) قالت عائشة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قال سعد: اللهم لا تمتني.
(٥) تُقِرَّ عَيْنِي: أي تُسِرَّها بذلك وتُفْرِحَهَا، وقيل معنى أَقَرَّ اللَّهُ عينَكَ: بَلَّغَكَ أُمْنِيَتَكَ حتى ترضى نفسُك وتسكن عينُك. انظر النهاية (٤/ ٣٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>