للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَوَجَّهُوا عَلَى قُبَّةِ النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- كَتِيبَةً غَلِيظَةً فِيهَا خَالِدُ بْنُ الْوَليدِ -رضي اللَّه عنه-، فَقَاتَلُوهُمْ يَوْمَهُمْ ذَلِكَ إِلَى قَرِيبٍ مِنَ اللَّيْلِ، مَا يَقْدِرُ الْمُسْلِمُونَ أَنْ يَزُولُوا مَوَاضِعَهُمْ، وَلَا صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- وَلَا أَصْحَابُهُ الْعَصْرَ إِلَّا بَعْدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ، ثُمَّ رَجَعَ الْمُشْرِكُونَ مُتَفَرِّقِينَ إِلَى مَنَازِلهِمْ وَعَسْكَرِهِمْ، وَانْصَرَفَ الْمُسْلِمُونَ إِلَى قُبَّةِ رَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-، وَأَقَامَ أُسَيْدُ بْنُ حُضَيْرٍ -رضي اللَّه عنه- عَلَى الْخَنْدَقِ فِي مِائتَيْنِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، فَكَرَّ (١) خَالِدُ بْنُ الْوَليدِ -رضي اللَّه عنه- فِي خَيْلٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ يَطْلُبُونَ غِرَّةَ (٢) الْمُسْلِمِينَ، فَنَاوَشُوهُمْ (٣) سَاعَةً، فزَرَقَ (٤) وَحْشِيُ بْنُ حَرْبٍ الطُّفيْلَ بْنَ النُّعْمَانِ مِنْ بَنِي سَلِمَةَ بِمِزْرَاقَةٍ (٥) فَقتَلَهُ، وَانْكَشَفُوا، وَلَمْ يَكُنْ بَعْدَ ذَلِكَ الْيَوْمِ قِتَالٌ حَتَّى انْصَرَفَ الْمُشْرِكُونَ، لَكِنَّهُمْ لَا يَدَعُونَ الطَّلَائِعَ (٦) بِاللَّيْلِ يَطْمَعُونَ فِي الْغَارَةِ (٧).

فَلَمَّا صَارَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- فِي قُبَّتِهِ جَمَعَ أَصْحَابَهُ فَصَلَّى بِهِمُ الْعَصْرَ، ثُمَّ الْمَغْرِبَ (٨).


(١) كَرَّ: رَجَعَ. انظر لسان العرب (١٢/ ٦٤).
(٢) الغِرَّةُ: الغَفْلَةُ. انظر النهاية (٣/ ٣١٩).
(٣) الْمُنَاوَشَةُ في القتال: تَداني الفَريقَيْنِ، وأَخْذُ بعضِهِمْ بَعْضًا. انظر النهاية (٥/ ١١٢).
(٤) زَرَقهُ: طَعَنَهُ أو رَمَاهُ. انظر لسان العرب (٦/ ٣٩).
(٥) الْمِزْرَاقُ: الرُّمْحُ القصيرُ. انظر لسان العرب (٦/ ٣٩).
(٦) الطَّلائعُ: هم القومُ الذين يُبعَثُونَ لِيَطَّلِعُوا على العدو كَالجَواسيسِ. انظر لسان العرب (٨/ ١٨٥).
(٧) الإِغَارُة: النَّهْبُ. انظر لسان العرب (١٠/ ١٤٢).
(٨) انظر الطبَّقَات الكُبْرى لابن سعد (٢/ ٢٨٣) - دلائل النبوة للبيهقي (٣/ ٤٠٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>