للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَكَانَ فِي عَلَالِيَ (١) لَهُ، فَلَمَّا ذَهَبَ عَنْهُ أَهْلُ سَمَرِهِ صَعِدْتُ إِلَيْهِ، فَجَعَلْتُ كُلَّمَا فتَحْتُ بَابًا أَغْلَقْتُ عَلَيَّ مِنْ دَاخِلٍ، فَقُلْتُ: إِنِ الْقَوْمُ نَذِرُوا (٢) بِي لَمْ يَخْلُصُوا إِلَيَّ حَتَّى أَقْتُلَهُ، فَانَتَهَيْتُ إِلَيْهِ فَإِذَا هُوَ فِي بَيْتٍ مُظْلِمٍ قَدْ طُفِئَ سِرَاجُهُ وَسَطَ عِيَالِهِ لَا أَدْرِي أَيْنَ هُوَ مِنَ الْبَيْتِ، فَقُلْتُ: يَا أَبَا رَافِعٍ! قَالَ: مَنْ هَذَا؟ فَأَهْوَيْتُ (٣) نَحْوَ الصَّوْتِ (٤) فَضَرَبْتُهُ ضَرْبَةً بِالسَّيْفِ وَأَنَا دَهِشٌ (٥)، فَمَا أَغْنَتْ شَيْئًا، وَصَاحَ، فَخَرَجْتُ مِنَ الْبَيْتِ فَمَكَثْتُ غَيْرَ بَعِيدٍ، ثُمَّ دَخَلْتُ إِلَيْهِ فَقُلْتُ: مَا هَذَا الصَّوْتُ يَا أَبَا رَافِعٍ (٦)؟

فَقَالَ: لِأُمِّكَ الْوَيْلُ، إِنَّ رَجُلًا فِي الْبَيْتِ ضَرَبَنِي قَبلُ بِالسَّيْفِ، قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: فَضَرَبْتُهُ ضَرْبَةً أَثْخَنَتْهُ (٧) ولمْ أَقْتُلْهُ، ثُمَّ وَضَعْتُ ضَبِيبَ السَّيْفِ (٨) فِي بَطْنِهِ حَتَّى أَخَذَ فِي ظَهْرِهِ، فَعَرَفْتُ أَنِّي قتَلْتُهُ، فَجَعَلْتُ أَفتحُ الْأَبْوَابَ بَابًا بَابًا حَتَّى


(١) عَلَالِي: جَمْعُ عُلِيَّةٍ، وهي بضم العين وكسرها وبتشديد الياء وهي الغُرْفَةُ. انظر النهاية (٣/ ٢٦٧).
(٢) نَذِرُوا بكسر الذال: أي عَلِمُوا. انظر النهاية (٥/ ٣٣).
(٣) هَوَيْتُ: قَصَدْتُ. انظر لسان العرب (١٥/ ١٦٧).
(٤) في رواية أخرى في صحيح البخاري رقم الحديث (٤٠٤٠) قال -رضي اللَّه عنه-: فعمدت نحو الصوت.
(٥) دَهِشَ: بكسر الهاء ذهل. انظر لسان العرب (٤/ ٤٢٧).
(٦) في رواية أخرى في صحيح البخاري - رقم الحديث (٤٠٤٠): قال عبد اللَّه -رضي اللَّه عنه-: ثم جئت كأني أغيثة، فقلت مالك؟ وغيرت صوتي.
(٧) الْإِثْخَانُ في الشيء: الْمبَالَغَةُ فيه، يُقال: أَثْخَنَهُ المرضُ: إذا أَثْقَلَهُ ووَهَنَهُ. انظر النهاية (١/ ٢٠٣).
(٨) ضَبِيبُ السَّيْفِ: طَرَفُ السيفِ. انظر فتح الباري (٨/ ٨٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>