للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- نُخَامَةً إِلَّا وَقَعَتْ في كَفِّ رَجُلٍ مِنْهُمْ فَدَلَكَ بِهَا وَجْهَهُ وَجِلْدَهُ، وَإِذَا أَمَرَهُمُ ابْتَدَرُوا (١) أَمْرَهُ، وَإِذَا تَوَضَّأَ كَادُوا يَقْتَتِلُونَ عَلَى وَضُوئِهِ، وَإِذَا تَكَلَّمُوا خَفَضُوا أصْوَاتَهُمْ عِنْدَهُ، وَمَا يُحِدُّونَ (٢) إِلَيْهِ النَّظَرَ تَعْظِيمًا لَهُ -صلى اللَّه عليه وسلم-.

فَرَجَعَ عُرْوَةُ إِلَى قُرَيْشٍ، فَقَالَ: أَيْ قَوْمِ، وَاللَّهِ لَقَدْ وَفَدْتُ (٣) عَلَى المُلُوكِ، وَوَفَدْتُ عَلَى قَيْصَرَ وَكِسْرَى وَالنَّجَاشِيِّ (٤)، وَاللَّهِ مَا رَأَيْتُ مَلِكًا قَطُّ يُعَظِّمُهُ أَصْحَابُهُ مَا يُعَظِّمُ أَصْحَابُ مُحَمَّدٍ مُحَمَّدًا، وَاللَّهِ إِنْ يَتَنَخَّمَ نُخَامَةً إِلَّا وَقَعَتْ في كَفِّ رَجُلٍ مِنْهُمْ فَدَلَكَ بِهَا وَجْهَهُ وَجِلْدَهُ، وَإِذَا أَمَرَهُمُ ابْتَدَرُوا أَمْرَهُ، وَإِذَا تَوَضَّأَ كَادُوا يَقْتَتِلُونَ عَلَى وَضُوئِهِ، وَإِذَا تَكَلَّمُوا خَفَضُوا أَصْوَاتَهُمْ عِنْدَهُ، وَمَا يُحِدُّونَ النَّظَرَ إِلَيْهِ تَعْظِيمًا لَهُ، وَاللَّهِ لَقَدْ رَأَيْتُ قَوْمًا لَا يُسْلِمُونَهُ لِشَيْءٍ أَبَدًا، وَإِنَّهُ قَدْ عَرَضَ عَلَيْكُمْ خُطَّةَ رُشْدٍ فَاقْبَلُوهَا، فَرَوْا رَأْيَكُمْ (٥).


(١) يُقال: ابتَدَر القوم أمرًا: أي سابق بعضهم بعضًا إليه. انظر لسان العرب (١/ ٣٤٠).
(٢) قال الحافظ في الفتح (٥/ ٦٩١): يُحِدُّون: بضم الياء وكسر الحاء: أي يُديمون.
(٣) وفد عليه: إذا قَدِم عليه. انظر لسان العرب (١٥/ ٣٥٣).
(٤) قَالَ الحَافِظُ في الفَتْحِ (٥/ ٦٩١): ذكر الثلاثة لكونهم أعظم ملوك ذلك الزمان.
وفي قِصَّة عروة بن مسعود من الفوائد:
أ- ما يدُلُّ علي جودة عقله ويقظته.
ب- وفيه ما كان عليه الصحابه من المبالغة في تعْظِيم النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- وتوقِيرِه، ومراعاةِ أموره وردعِ من جَفَا عليه بقول أو فعل.
ج - وفيه التبرُّك بآثاره -صلى اللَّه عليه وسلم-.
(٥) أخرج ذلك الإمام البخاري في صحيحه - كتاب الشروط - باب الشروط في الجهاد - رقم الحديث (٢٧٣١) - (٢٧٣٢) وأخرجه الإمام أحمد في مسنده - رقم الحديث (١٨٩١٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>