فَقَالَ هِرَقْلُ: أَدْنُوهُ مِنِّي، ثُمَّ أَمَرَ بِأَصْحَابِي، فَجُعِلُوا خَلْفَ ظَهْرِي عِنْدَ كَتِفِي، ثُمَّ قَالَ لِتَرْجُمَانِهِ: قُلْ لِأَصْحَابِهِ إِنِّي سَائِلٌ هَذَا عَنْ هَذَا الرَّجُلِ الذِي يَزْعُمُ أَنَّهُ نَبِيٌّ، فَإِنْ كَذَبَنِي، فكَذِّبُوهُ.
قَالَ أَبُو سُفْيَانَ: فَوَاللَّهِ لَوْلَا الحَيَاءُ مِنْ أَنْ يَأْثُرَ أَصْحَابِي عَنِّيَ الكَذِبَ لَكَذَبْتُهُ حِينَ سَأَلَنِي، وَلَكِنِّي اسْتَحْيَيْتُ أَنْ يَأْثُرُوا الكَذِبَ عَنِّي، فَصَدَقْتُهُ.
ثُمَّ قَالَ لِتَرْجُمَانِهِ: قُلْ لَهُ كَيْفَ نَسَبُ هَذَا الرَّجُلِ فِيكُمْ؟
قَالَ أَبُو سُفْيَانَ: هُوَ فِينَا ذُو نَسَبٍ.
قَال هِرَقْلُ: فَهَلْ قَالَ هَذَا القَوْلَ مِنْكُمْ أَحَدٌ قَطُّ قَبْلَهُ؟
قَالَ أَبُو سُفْيَانَ: فَقُلْتُ: لَا.
قَالَ هِرَقْلُ: فَهَلْ كَانَ مِنْ آبَائِهِ مِنْ مَلِكٍ؟
قَالَ أَبُو سُفْيَانَ: قُلْتُ: لَا.
قَالَ هِرَقْلُ: فَأَشْرَافُ النَّاسِ يَتَّبِعُونَهُ أَمْ ضُعَفَاؤُهُمْ؟
قَالَ أَبُو سُفْيَانَ: قُلْتُ: بَلْ ضُعَفَاؤُهُمْ.
قَالَ هِرَقْلُ: أَيَزِيدُونَ أَمْ يَنْقُصُونَ؟
قَالَ أَبُو سُفْيَانَ: قُلْتُ: بَلْ يَزِيدُونَ.
قَالَ هِرَقْلُ: فَهَلْ يَرْتَدُّ أَحَدٌ مِنْهُمْ سَخْطَةً (١) لِدِينِهِ بَعْدَ أَنْ يَدْخُلَ فِيهِ؟
(١) قال الإِمام النووي في شرح مسلم (١٢/ ٨٩): سَخْطَة: بفتح السين، والسخط: كراهية الشيء وعدم الرضى به.