للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِنَ الدَّعْوَةِ أَصْعَبَ وَأَثْقَلَ مَا يُكَلَّفُهُ إِنْسَانٌ مِنَ الْمَهَامِّ فِي هَذَا الْوُجُودِ (١).

رَوَى الشَّيْخَانِ في صَحِيحَيْهِمَا عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا-: أَنَّهُ سَمعَ رَسُولَ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- يُحَدِّثُ عَنْ فَتْرَةِ الْوَحْي، قَالَ فِي حَدِيثِهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "فَبَيْنَا أَنَا أَمْشِي، إِذْ سَمِعْتُ صَوْتًا مِنَ السَّمَاءِ، فَرَفَعْتُ بَصَرِي قِبَلَ السَّمَاءِ، فَإِذَا الْمَلَكُ الَّذِي جَاءَنِي بِحِرَاءَ قَاعِدٌ عَلَى كُرْسِيٍّ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ، فَجُئِثْتُ (٢) مِنْهُ حَتَّى هَوِيتُ (٣) إِلَى الْأَرْضِ، فَجِئْتُ أَهْلِي فَقُلْتُ: زَمِّلُونِي، زَمِّلُونِي، زَمِّلُونِي"، فَأَنَزْلَ اللَّهُ تَعَالَى: {يَاأَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ} إِلَى قَوْلهِ تَعَالَى: {وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ} قَالَ: ثُمَّ حَمِيَ الْوَحْيُ وَتَتَابَعَ (٤).

وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى فِي الصَّحِيحِ قَالَ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "فَأَتَيْتُ خَدِيجَةَ فَقُلْتُ: دَثِّرُونِي وَصُبُّوا (٥) عَلَيَّ مَاءً بَارِدًا".


(١) في ظلال القرآن لسيد قطب (٦/ ٣٧٥٤).
(٢) قال الإمام النووي في شرح مسلم (٢/ ١٧٩): أي فزِعْتُ ورُعِبْتُ.
(٣) هويت: أي سَقَطْتُ. انظر صحيح مسلم بشرح النووي (٢/ ١٧٩).
(٤) أخرجه البخاري في صحيحه - كتاب التفسير - سورة المدثر - رقم الحديث (٤٩٢٦) - وأخرجه مسلم في صحيحه - كتاب الإيمان - باب بدء الوحي إلى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- رقم الحديث (١٦١).
(٥) قال الحافظ في الفتح (٩/ ٧٤٣): كأنَّ الحِكمَةَ في الصَّبِّ بعدَ التَّدَثُّرِ طلبُ حُصُولِ السُّكُونِ لما وقع في الباطنِ من الانزِعَاجِ، أو أَنَّ العادَةَ أَنَّ الرِّعْدةَ تعقبُهُا الحُمَّى، وقد عُرفَ مِنَ الطِّبِّ النبويِّ معالجتُهَا بالماءِ البَارِدِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>