للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اللَّهِ، وَاصْطفى رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- صَفِيَّةَ بِنْتَ حُييٍّ لِنَفْسِهِ، فَإِنْ كَانَتْ لَكِ حَاجَةٌ في زَوْجِكِ، فَالْحَقِي بِهِ، قَالَتْ: أَظُنُّكَ وَاللَّهِ صَادِقًا، قَالَ: فَإِنِّي صَادِقٌ، وَالأَمْرُ عَلَى مَا أَخْبَرْتُكِ.

ثُمَّ ذَهَبَ العَبَّاسُ -رضي اللَّه عنه- حَتَّى أَتَى البَيْتَ، وَقَدْ لَبِسَ حُلَّةً له وَتَطَيَّبَ، وَأَخَذَ عَصَاهُ، فَطَافَ بِالكَعْبَةِ، ثُمَّ أَقْبَلَ حَتَّى أَتَى مَجَالِسَ قُرَيْشٍ، وَهُمْ يَقُولُونَ: لَا يُصِيبُكَ إِلَّا خَيْر أَبَا الفَضْلِ هَذَا وَاللَّهِ التَّجَلُّدُ (١) لِحَرِّ المُصِيبَةِ، فَقَالَ لَهُمْ: كَلَّا وَاللَّهِ لَمْ يُصِبْنِي إِلَّا خَيْرٌ بِحَمْدِ اللَّهِ، وَقَدْ أَخْبَرَنِي الحَجَّاجُ بنُ عِلَاطٍ أَنَّ خَيْبَرَ قَدْ فتَحَهَا اللَّهُ عَلَى رَسُولهِ، وَجَرَتْ فِيهَا سِهَامُ اللَّهِ، وَاصْطفى صَفِيَّةَ لِنَفْسِهِ، وَقَدْ سَأَلَنِي أَنْ أُخْفِيَ عَلَيْهِ ثَلَاثًا، وَإِنَّمَا جَاءَ لِيَأْخُذَ مَالَهُ، وَمَا كَانَ لَهُ مِنْ شَيْءَ هَاهُنَا، ثُمَّ يَذْهَبَ.

فَرَدَّ اللَّهُ الكَآبَةَ التِي كَانَتْ بِالمُسْلِمِينَ عَلَى المُشْرِكِينَ، وَخَرَجَ المُسْلِمُونَ وَمَنْ كَانَ دَخَلَ بَيْتَهُ مُكْتَئِبًا حَتَّى آتوا العَبَّاسَ، فَأَخْبَرَهُمُ الخَبَرَ، فَسُرَّ المُسْلِمُونَ، وَرَدَّ اللَّهُ مَا كَانَ مِنْ كَآبَةٍ أَوْ غَيْظٍ أَوْ خِزْيٍ عَلَى المُشْرِكِينَ.

وَلَمْ يَلْبَثْ مُشْرِكُو قُرَيْشٍ أَنْ جَاءَهُمْ خَبَرُ انْتِصَارِ المُسْلِمِينَ عَلَى اليَهُودِ في خَيْبَرَ (٢).


(١) تَجَلَّد: بتشديد اللام، أي أظهر الجلد، والجلد: القوة والشدة. انظر لسان العرب (٢/ ٣٢٣).
(٢) أخرج قصة الحجاج بن عِلاط: الإِمام أحمد في مسنده - رقم الحديث (١٢٤٠٩) - وابن حبان في صحيحه - كتاب السير - باب الخلافة والإمارة - رقم الحديث (٤٥٣٠) - والطحاوي في شرح مشكل الآثار - رقم الحديث (٣٢١٣) - وابن إسحاق في السيرة (٣/ ٣٧٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>