للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ جَابِرٌ -رضي اللَّه عنه-: فَلَمَّا قَدِمْنَا المَدِينةَ، جِئْتُ بِالجَمَلِ إلى رَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- حَتَّى أَنَخْتُهُ عَلَى بَابِ رَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-، ثُمَّ جَلَسْتُ في المَسْجِدِ قَرِيبًا مِنْهُ، قَالَ: وَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-، فَرَأَى الجَمَلَ، فَقَالَ: "مَا هَذَا؟ " قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَذَا جَمَلٌ جَاءَ بِهِ جَابِرٌ، قَالَ -صلى اللَّه عليه وسلم- "فَأَيْنَ جَابِرُ؟ " فَدُعِيتُ لَهُ، فَقَالَ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "تَعَالَ أَي ابْنَ أَخِي، خُذْ بِرَأْسِ جَمَلِكَ، فَهُوَ لَكَ"، ثُمَّ دَعَا بِلَالًا وَقَالَ لَهُ: "اذْهَبْ بِجَابِرٍ، فَأَعْطِهِ أُوقِيَّةً مِنْ ذَهَبٍ، وَزِدْهُ".

قَالَ جَابِرٌ -رضي اللَّه عنه-: فَذَهَبْتُ مَعَهُ، فَأَعْطَانِي أُوقِيَّةً، وَزَادَنِي شَيْئًا يَسِيرًا، ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- لِجَابِرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: "أَتُرَانِي مَاكسْتُكَ (١) لِآخُذَ جَمَلَكَ وَدَرَاهِمَكَ؟ خُذْ جَمَلَكَ وَدَرَاهِمَكَ، فَهُوَ لَكَ".

قَالَ جَابِرٌ -رضي اللَّه عنه-: فَوَاللَّهِ- مَا زَالَ يَنْمِي عِنْدَنَا، وَنَرى مَكَانَهُ مِنْ بَيْتِنَا حَتَّى أُصِيبَ يَوْمَ الحَرَّةِ (٢).


= أخواته على حظ نفسه فعدل لأجلهنَّ عن تزوج البكر مع كونها أرفعُ رُتبة للمتزوج الشاب من الثيب غالبًا.
(١) المُمَاكسة في البيع: انتقاص الثمن واستحطاطه. انظر النهاية (٤/ ٢٩٧).
(٢) قوله -رضي اللَّه عنه- يوم الحرة: يريد الليالي التي وقع فيها القتال بين أهل الشَّام وبين أهل المدينة، في حَرّة واقم التي تقع شرقي المدينة، وكانت سنة (٦٣ هـ)، وهي ليزيد بن معاوية على أهل المدينة، وتعد كما قال ابن حزم في "جوامع السيرة" ص ٣٥٧ - ٣٥٨: من أكبر مصائبِ الإِسلام وخُرومه؛ لأن أفاضل المسلمين، وبقيَّة الصَّحَابَة، وخيار المسلمين من جلة التابعين قُتلوا جهزا ظلمًا في الحَرْب وصَبْرًا، وجالتِ الخيل في مسجد رَسُول اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-، ورَاثَتْ وبالَتْ في الروضة الشريفة بين القبر والمنبر، ولم تُصَلَّ جماعة في =

<<  <  ج: ص:  >  >>