للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حَيَاتِي أَوْ تَأْتِي عَلَيَّ مَنِيَّتِي ... فَكُلُّ امْرِئٍ فَانٍ وَإِنْ غَرَّهُ الأَمَلْ

فلَمَّا عَلِمَ أَنَّهُ بِمَكَّةَ قدِمَهَا لِيَفْدِيَهُ، فدَخَلَ حَارِثَةُ وَأخُوهُ عَلَى النبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- فَقَالَ: يا ابنَ عبدِ اللَّهِ! يا ابنَ عبدِ المُطَّلِبِ! يا ابنَ هَاشِمٍ! يا ابنَ سَيِّدِ قَوْمِه! أنْتُمْ أَهْلُ الحَرَمِ، وجِيرَانُهُ وعِنْدَ بَيْتِهِ، تَفُكُّونَ العَانِي، وتُطْعِمُونَ الأسِيرَ، جِئْنَاكَ فِي ابْنِنَا عِنْدَكَ، فَامْنُنْ عَلَيْنَا، وَأحْسِنْ إلَيْنَا في فِدَائِهِ، فإنَّا سَنَرْفَعُ لَكَ فِي الفِدَاءِ. فَقَالَ رسولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "مَنْ هُوَ"؟ قَالَا: زَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ، فَدَعَى رسولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- زَيْدًا، فَقَالَ لَهُ: "إنْ شِئْتَ فَأقِمْ عِنْدِي، وإنْ شِئْتَ فَانْطَلِقْ مَعَ أبِيكَ"، فَقَالَ زَيْدٌ: بَلْ أُقِيمُ عِنْدَكَ، ومَا أنَا بِالذِي أَخْتَارُ عَلَيْكَ أحَدًا، أَنْتَ مِنِّي بِمَكَانِ الأبِ وَالأمِّ، فقَالَا: وَيْحَكَ يَا زَيْدُ أتَخْتَارُ العُبُودِيَّةَ عَلَى الحُرِّيَّةِ، وعَلَى أبِيكَ وعَمِّكَ وأَهْلِ بَيْتِكَ؟ قَالَ: نَعَمْ، إنِّي قَدْ رَأيْتُ مِنْ هَذَا الرَّجُلِ شَيْئًا، ما أنَا بِالذي أَخْتَارُ عَلَيْهِ أحَدًا أبَدًا، فَلَمْ يَزَلْ زَيْدٌ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- حتَّى بَعَثَهُ اللَّهُ تَعَالَى، فَصَدَّقَهُ، وأسْلَمَ، وصَلَّى مَعَهُ، فأنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ} (١) قَالَ: أنَا زَيْدُ بنُ حَارِثَةَ (٢).


(١) سورة الأحزاب آية رقم (٥).
(٢) أخرج ذلك: الترمذي في جامعه - كتاب المناقب - باب مناقب زيد بن حارثة -رضي اللَّه عنه- رقم الحديث (٤١٤٩) - وابن إسحاق في السيرة (١/ ٢٨٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>