للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَتْ: نَعَمْ، فَاعْفُ عَمَّا سَلَفَ عَفَا اللَّهُ عَنْكَ.

فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "وَلَا تَزْنِينَ".

قَالَتْ هِنْدٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! هَلْ تَزْنِي الحُرَّةُ؟ .

فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "وَلَا تَقْتُلْنَ أَوْلَادَكُنَّ".

فَقَالَتْ هِنْدٌ: قَدْ رَبَّيْنَاهُمْ صِغَارًا، وَقَتَلْتَهُمْ يَوْمَ بَدْرٍ كِبَارًا، فَأَنْتَ وَهُمْ أَعْلَمُ! فَضَحِكَ عُمَرُ بنُ الخَطَّابِ -رضي اللَّه عنه- مِنْ قَوْلهَا حَتَّى اسْتَغْرَبَ (١)، فَتَبَسَّمَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- فَقَالَ: "وَلَا تَأتِينَ بِبُهْتَانٍ تَفْتَرِينَهُ بَيْنَ أَيْدِيكُنَّ وَأَرْجُلِكُنَّ".

فَقَالَتْ هِنْدٌ: وَاللَّهِ إِنَّ إِتْيَانَ البُهْتَانِ لَقَبِيحٌ، وَلَبَعْضُ التَّجَاوُزِ أَمْثَلُ، وإِنَّكَ مَا تَأْمُرُنَا إِلَّا الرُّشْدَ، وَمَكَارِمَ الأَخْلَاقِ.

فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "وَلَا تَعْصِينَنِي فِي مَعْرُوفٍ".

فَقَالَتْ هِنْدٌ: مَا جَلَسْنَا هَذَا المَجْلِسَ وَنَحْنُ نُرِيدُ أَنْ نَعْصِيَكَ فِي مَعْرُوفٍ.

فَبَايَعَهُنَّ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-، فَقَالَتْ هِنْدٌ مِنْ بَيْنِ النِّسَاءَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! نُصَافِحُكَ؟

فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إِنِّي لَا أُصَافِحُ النِّسَاءَ (٢)، إِنَّمَا قَوْلي لِامْرَأَةٍ، قَوْلي


(١) استغرب: بالغ في الضحك، وقيل: هو القهقهة. انظر النهاية (٣/ ٣١٦).
(٢) ثبت في صحيح البخاري - رقم الحديث (٤٨٩١) - ومسلم في صحيحه - رقم الحديث (١٨٦٦) (٨٨) (٨٩) أن رَسُول اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- يصافح النساء أبدًا، فعن عائشة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قالت: واللَّه! ما مست يد رَسُول اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- يد امرأة قط، غير أنَّه يبابعهن بالكلام، فإذا أخذ عليها فأعطته، قال: "اذهبي فقد بايعتكِ".

<<  <  ج: ص:  >  >>