للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَخَرَجَ خَالِدٌ -رضي اللَّه عنه- وَمَعَهُ ثَلَاثُمِائَةٍ وَخَمْسُونَ رَجُلًا مِنَ المُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ، وَبَنُو سُلَيْمٍ، فَلَمَّا وَصَلَ إِلَيْهِمْ دَعَاهُمْ إِلَى الإِسْلَامِ، فَلَمْ يُحْسِنُوا أَنْ يَقُولُوا: أَسْلَمْنَا، فَجَعَلُوا يَقُولُونَ: "صَبَأْنَا صَبَأْنَا" (١)، فَجَعَلَ خَالِدٌ -رضي اللَّه عنه- يَقْتُلُ مِنْهُمْ وَيَأْسِرُ، وَدَفَعَ إِلَى كُلِّ رَجُلٍ مِنَ السَّرِيَّةِ أَسِيرَهُ، ثُمَّ أَمَرَهُمْ خَالِدٌ -رضي اللَّه عنه- ذَاتَ يَوْمٍ أَنْ يَقْتُلَ كُلُّ رَجُلٍ مِنْهُمْ أَسِيرَهُ، فَأَبَى جَمَاعَةٌ مِنَ الصَّحَابَةِ، مِنْهُمْ: عَبْدُ اللَّهِ بنُ عُمَرَ رَضيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، حَيْثُ قَالَ: وَاللَّهِ لَا أَقْتُلُ أَسِيرِي، وَلَا يَقْتُلُ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِي أَسِيرَهُ، فَلَمَّا قَدِمُوا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-، وَأَخْبَرُوهُ بِمَا حَدَثَ، رَفَعَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- يَدَيْهِ، وَقَالَ: "اللَّهُمَّ إِنِّي أَبْرَأُ إِلَيْكَ مِمَّا صَنَعَ خَالِدٌ" مَرَّتَيْنِ (٢).

وَوَقَعَ عِنْدَ ابْنِ سَعْدٍ: أَنَّ بَنِي سُلَيْمٍ هُمُ الذِينَ قَتَلُوا مَنْ بِأَيْدِيهِمْ مِنَ الأَسْرَى، أَمَّا المُهَاجِرُونَ وَالأَنْصَارُ فَلَمْ يَفْعَلُوا ذَلِكَ، وَأَطْلَقُوا أَسْرَاهُمْ (٣).

وَقَدْ وَدَى رَسُولُ اللَّهِ قتلَى بَنِي جَذِيْمَةَ (٤).

قَالَ الحَافِظُ ابنُ كَثِيرٍ: إِنَّمَا أَرَادَ خَالِدُ بنُ الوَليدِ -رضي اللَّه عنه- نُصْرَةَ الإِسْلَامِ وَأَهْلِهِ، وَإِنْ كَانَ قَدْ أَخْطَأَ فِي أَمْرٍ وَاعْتَقَدَ أَنَّهُمْ يَنْتَقِصُونَ الإِسْلَامَ بِقَوْلهِمْ صَبَأْنَا


(١) يُقال: صَبَأ فلان إذا خرج من دين إلى دين غيره. انظر النهاية (٣/ ٣).
(٢) أخرج ذلك البخاري في صحيحه - كتاب المغازي - باب بعث النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- خالد بن الوليد إلى بني جذيمة - رقم الحديث (٤٣٣٩) - والإمام أحمد في مسنده - رقم الحديث (٦٣٨٢) - والطحاوي في شرح مشكل الآثار - رقم الحديث (٣٢٣٠).
(٣) انظر الطبَّقَات الكُبْرى لابن سعد (٢/ ٣٢٣).
(٤) انظر سيرة ابن هشام (٤/ ٧٩) - الطبَّقَات الكُبْرى لابن سعد (٢/ ٣٢٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>