للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَكَانَ ثَابِتُ بْنُ قَيْسِ بْنِ شَمَّاسٍ رَفِيعَ الصَّوْتِ، فَقَالَ: أَنَا الذِي كُنْتُ أَرْفَعُ صَوْتِي عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-، حَبِطَ عَمَلِي، أَنَا مِنْ أَهْلِ النَّارِ! وَجَلَسَ في أَهْلِهِ حَزِينًا، فتَفَقَّدَهُ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-، فَانْطَلَقَ بَعْضُ الْقَوْمِ إِلَيْهِ، فَقَالُوا لَهُ: تَفَقَّدَكَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-، مَالَكَ؟ فَقَالَ: أَنَا الذِي أَرْفَعُ صَوْتِي فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ، وَأَجْهَرُ بِالْقَوْلِ، حَبِطَ عَمَلِي، وَأَنَا مِنْ أَهْلِ النَّارِ، فَأَتَوُا النَّبِيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- فَأَخْبَرُوهُ بِمَا قَالَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لَا، بَلْ هُوَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ".

قَالَ أَنَسٌ: وَكُنَّا نراهُ يَمْشِي بَيْنَ أَظْهُرِنَا وَنَحْنُ نَعْلَمُ أَنَّه مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ، فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ الَيَمَامَةِ (١) كَانَ فِينَا بَعْضُ الِانْكِشَافِ (٢)، فَجَاءَ ثَابِتُ بْنُ قَيْسِ بْنِ شَمَّاس -رضي اللَّه عنه-، وَقَدْ تَحَنَّطَ وَلَبِسَ كَفَنَهُ، فَقَالَ: بِئْسَمَا تُعَوِّدُونَ أَقْرَانَكُمْ، فَقَاتَلَهُمْ حَتَّى قُتِلَ -رضي اللَّه عنه- (٣).

قَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ فِيمَا نَقَلَهُ عَنْهُ الْحَافِظُ في الْفتْحِ: الصَّحِيحُ أَنَّ سَبَبَ نُزُولِ هَذِهِ الْآيَةِ كَلَامُ جُفَاةِ الْأَعْرَابِ (٤).


(١) معركة اليمامة: هي المعركة التي كانت بين المسلمين وبين مسيلمة الكذاب، وكانت في خلافة أبي بكر الصديق -رضي اللَّه عنه-، في السنة الثَّانية عشرة للهجرة، وقد قُتِل فيها مسيلمة الكذاب.
(٢) كَشِفَ القوم: انهزموا. انظر لسان العرب (١٢/ ١٠٢).
(٣) أخرجه البخاري في صحيحه - كتاب التفسير - باب {لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ} - رقم الحديث (٤٨٤٦) - ومسلم في صحيحه - كتاب الإيمان - باب مخافة المؤمن أن يحبط عمله - رقم الحديث (١١٩) - وأخرجه الإِمام أحمد في مسنده - رقم الحديث (١٢٣٩٩).
(٤) انظر فتح الباري (٩/ ٥٦٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>