رَسُولَ اللَّهِ! أَطَلَّقْتَ نِسَاءَكَ؟ فَرَفَعَ إِلَيَّ بَصَرَهُ، فَقَالَ: "لَا"، فَقُلْتُ: اللَّهُ أَكْبَرُ، ثُمَّ قُلْتُ وَأَنَا قَائِمٌ أَسْتَأْنِسُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! لَوْ رَأَيْتَنِي وَكُنَّا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ نَغْلِبُ النِّسَاءَ، فَلَمَّا قَدِمْنَا الْمَدِينَةَ إِذَا قَوْمٌ تَغْلِبُهُمْ نِسَاؤُهُمْ، فتَبَسَّمَ النَّبِيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، ثُمَّ قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! لَوْ رَأَيْتَنِي وَدَخَلْتُ عَلَى حَفْصَةَ فَقُلْتُ لَهَا: لَا يَغُرَّنَّكِ أَنْ كَانَتْ جَارَتُكِ أَوْضَأَ مِنْكِ وَأَحَبَّ إِلَى النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- يُرِيدُ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا -فتَبَسَّمَ النَّبِيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- تَبَسُّمَةً أُخْرَى، فَجَلَسْتُ حِينَ رَأَيْتُهُ تَبَسَّمَ، فَرَفَعْتُ بَصَرِي فِي بَيْتِهِ، فَوَاللَّهِ مَا رَأَيْتُ فِي بَيْتِهِ شَيْئًا يَرُدُّ الْبَصَرَ غَيْرَ أَهَبَةٍ (١) ثَلَاثَةٍ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! اُدْعُ اللَّهَ فَلْيُوَسِّعْ عَلَى أُمَّتِكَ، فَإِنَّ فَارِسَ وَالرُّومَ قَدْ وُسِّعَ عَلَيْهِمْ وَأُعْطُوا الدُّنْيَا وَهُمْ لَا يَعْبُدُونَ اللَّهَ.
وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ قَالَ عُمَرُ -رضي اللَّه عنه-: فَبَكَيْتُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "مَا يُبْكِيكَ؟ "، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! إِنَّ كِسْرَى وَقَيْصَرَ فِيمَا هُمَا فِيهِ وَأَنْتَ رَسُولُ اللَّهِ.
فَجَلَسَ النَّبِيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- وَكَانَ مُتَّكِئًا فَقَالَ: "أَفِي شَكٍّ أَنْتَ يَا ابْنَ الْخَطَّابِ؟ ، إِنَّ أُولَئِكَ قَوْمٌ عُجِّلَتْ لهُمْ طَيِّبَاتُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا".
فَقُلْتُ: اسْتَغْفِرْ لِي يَا رَسُولَ اللَّهِ!
قَالَ عُمَرُ -رضي اللَّه عنه-: وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- أَقْسَمَ أَنْ لَا يَدْخُلَ عَلَيْهِنَّ -أَيْ عَلَى
(١) قَالَ الحَافِظُ فِي الفَتْحِ (١٠/ ٣٦١): الْأَهَبَة: بفتح الهمزة والهاء وبضمها أيضًا، وهو جمعُ إِهَاب، وهو الْجِلْدُ قَبلَ الدِّبَاغِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute