للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثَمُودَ، فَاسْتَحَثَّ (١) رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- رَاحِلَتَهُ، وَنَزَلَ قَرِيبًا مِنْ دِيَارِ ثَمُودَ، فَاسْتَقَى النَّاسُ مِنْ بِئْرٍ كَانَ بِالْحِجْرِ وَاعْتَجَنُوا بِهِ، فَلَمَّا عَلِمَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- قَالَ: "لَا تَدْخُلُوا مَسَاكِنَ الذِينَ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ إِلَّا أَنْ تَكُونُوا بَاكينَ أَنْ يُصِيبَكُمْ مِثْلُ مَا أَصَابَهُمْ" (٢).

وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لَا تَدْخُلُوا عَلَى هَؤُلَاءِ الْقَوْمِ الذِينَ عُذِّبُوا إِلَّا أَنْ تَكُونُوا بَاكينَ، فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا بَاكينَ فَلَا تَدْخُلُوا عَلَيْهِمْ، فَإِنِّي أَخَافُ أَنْ يُصِيبَكُمْ مِثْلُ مَا أَصَابَهُمْ" (٣).

وَأَمَرَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- أَنْ لَا يَشْرَبُوا مِنْ بِئْرِهَا وَلَا يَسْتَقُوا، فَقَدْ أَخْرَجَ الشَّيْخَانِ في صَحِيحَيْهِمَا عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- لَمَّا نَزَلَ الْحِجْرَ في غَزْوَةِ تبوكٍ أَمَرَهُمْ أَنْ لَا يَشْرَبُوا مِنْ بِئْرِهَا، وَلَا يَسْتَقُوا مِنْهَا، فَقَالُوا: قَدْ عَجَنَّا مِنْهَا وَاسْتَقَيْنَا، فَأَمَرَهُمْ أَنْ يَطْرَحُوا ذَلِكَ الْعَجِينَ، وَيُهْرِيقُوا


(١) الْحَثُّ: الِاسْتِعْجَالُ. انظر لسان العرب (٣/ ٤٦).
(٢) أخرج ذلك البخاري في صحيحه - كتاب أحاديث الأنبياء - باب قول اللَّه تَعَالَى: {وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا} - رقم الحديث (٣٣٨٠) (٣٣٨١) - ومسلم في صحيحه - كتاب الزهد والرقائق - باب لا تدخلوا مساكن الذين ظلموا أنفسهم - رقم الحديث (٢٩٨٠) (٣٩).
(٣) أخرج ذلك الإِمام مسلم في صحيحه - كتاب الزهد والرقائق - باب لا تدخلوا مساكن الذين ظلموا أنفسهم - رقم الحديث (٢٩٨٠) (٣٨) - والإمام أحمد في مسنده - رقم الحديث (٤٥٦١) - وابن حبان في صحيحه - كتاب التاريخ - باب بدء الخلق - رقم الحديث (٦٢٠٠).
قال الإِمام الخطابي فيما نقله عنه البغوي في شرح السنة (١٤/ ٣٦٢): معناه أن الداخل في دار قوم أُهلكوا بخسف أو عذاب إذا لم يكن باكيًا إما شفقة عليهم، وإما خوفًا من حلول مثلها به، كان قاسي القلب، قليل الخشوع، فلا يأمن إذا كان هكذا أن يُصيبه ما أصابهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>