للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَانَ مِنْ آخِرِ السَّحَرِ مَالَ مَيْلَةً هِيَ أَشَدُّ مِنَ الْمَيْلَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ حَتَّى كَادَ يَنْجَفِلُ (١)، فَأَتَيْتُهُ فَدَعَمْتُهُ، فَرَفَعَ رَأْسَهُ -صلى اللَّه عليه وسلم-، فَقَالَ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "مَنْ هَذَا؟ ".

قُلْتُ: أَبُو قَتَادَةَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "مَتَى كَانَ هَذَا مَسِيرَكَ مِنِّي؟ ".

قُلْتُ: مَا زَالَ هَذَا مَسِيرِي مُنْذُ اللَّيْلَةِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "حَفِظَكَ اللَّهُ بِمَا حَفِظْتَ بِهِ نَبِيَّهُ"، قَالَ أَبُو قَتَادَةَ -رضي اللَّه عنه-: . . . فَمَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- عَنِ الطَّرِيقِ، فَوَضَعَ رَأْسَهُ (٢)، ثُمَّ قَالَ: "احْفَظُوا عَلَيْنَا صَلَاتَنَا"، فَنِمْنَا، فَكَانَ أَوَّلَ مَنِ اسْتَيْقَظَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-، وَالشَّمْسُ في ظَهْرِهِ، فَقُمْنَا فَزِعِينَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- "ارْكبُوا"، فَرَكِبْنَا فَسِرْنَا، حَتَّى إِذَا ارْتَفَعَتِ الشَّمْسُ نَزَلَ، ثُمَّ دَعَا بِمَيْضَأَةٍ (٣) كَانَتْ مَعِي فِيهَا شَيْءٌ مِنْ مَاءٍ، فتَوَضَّأَ مِنْهَا وُضُوءًا دُونَ وُضُوءٍ، وَبَقِيَ فِيهَا شَيْءٌ مِنْ مَاءٍ، ثُمَّ قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "احْفَظْ عَلَيْنَا مَيْضَأَتكَ، فَسَيَكُونُ لَهَا نَبَأٌ".

ثُمَّ أَذَّنَ بِلَالٌ بِالصَّلَاةِ، فَصَلَّى رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- رَكْعَتَيْنِ (٤)، ثُمَّ صَلَّى الْغَدَاةَ (٥) فَصَنَعَ كَمَا كَانَ يَصْنَعُ كُلَّ يَوْمٍ.

قَالَ أَبُو قَتادَةَ -رضي اللَّه عنه-: وَرَكِبَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-، وَرَكِبْنَا مَعَهُ، فَجَعَلَ بَعْضُنَا


(١) يَنْجَفِلُ: أي يَنْقَلِبُ ويَسْقُطُ. انظر النهاية (١/ ٢٧٠).
(٢) أي نام.
(٣) الْمَيْضَأَةُ: مَطْهَرةٌ كبيرةٌ يُتَوَضَّأُ منها. انظر النهاية (٤/ ٣٢٤).
(٤) في رواية الإِمام أحمد في مسنده: وصلوا الركعتين قبل الفجر.
(٥) صلاة الغَدَاةِ: هي صلاة الفجر. وفي رواية الإِمام أحمد في مسنده: ثم صلوا الفجر.

<<  <  ج: ص:  >  >>