للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَبِي رُهْمٍ الْغِفَارِيِّ -رضي اللَّه عنه- أَنَّهُ قَالَ: غَزَوْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- غَزْوَةَ تَبُوكَ، فَلَمَّا قَفَلَ (١)، سِرْنَا لَيْلَةً، فَسِرْتُ قَرِيبًا مِنْهُ، وَأُلْقِيَ عَلَيَّ النّعاسُ، فَطَفِقْتُ (٢) أَسْتَيْقِظُ، وَقَدْ دَنَتْ رَاحِلَتِي مِنْ رَاحِلَتِهِ، فيفْزِعُنِي دُنُوُّهَا خَشْيَةَ أَنْ أُصِيبَ رِجْلَهُ فِي الْغَرْزِ (٣)، فَأَزْجِرُ (٤) رَاحِلَتِي، حَتَّى غَلَبتْنِي عَيْني فِي بَعْضِ اللَّيْلِ، فَزَحَمَتْ رَاحِلَتِي رَاحِلَتَهُ، وَرِجْلُهُ فِي الْغَرْزِ، فَأَصَبْتُ رِجْلَهُ، فَلَمْ أَسْتَيْقِظْ إِلَّا بِقَوْلهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "حَسِّ" (٥)، فَرَفَعْتُ رَأْسِي، فَقُلْتُ: اسْتَغْفِرْ لِي يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: "سِرْ"، فَطَفِقَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- يَسْأَلُنِي عَمَّنْ تَخَلَّفَ مِنْ بَنِي غِفَارٍ، فَأَخْبَرتُهُ، فَإذا هُوَ قَالَ: "مَا فَعَلَ النَّفَرُ الْحُمْرُ (٦) الثِّطَاطُ (٧)؟ ".

فَحَدَّثْتُهُ بِتَخَلُّفِهمْ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "مَا فَعَلَ النَّفَرُ السُّودُ الْجِعَادُ (٨)


(١) قَفَلَ: رَجَعَ. انظر النهاية (٤/ ٨٢).
وفي رواية الإمام أحمد في مسنده: فَصَلَ.
(٢) طَفِقَ: جَعَلَ. انظر لسان العرب (٨/ ١٧٤).
(٣) الْغَرْزُ: رِكَابُ كُورِ الْجَمَلِ إذا كان من جلد أو خشب. انظر النهاية (٣/ ٣٢٣).
(٤) في رواية الإمام أحمد في مسنده: فأُوخِّر.
(٥) حَسِّ: بفتح الحاء كلمة يقولها الإنسان إذا أصابه ما مَضَّهُ أو أَحْرَقَهُ غَفْلَةً، كالجمرة والضربة، ونحوهما. انظر النهاية (١/ ٣٧٠).
(٦) قال السندي في شرح المسند (١١/ ٣١٢): الحُمْرُ: بضم الحاء وسكون الميم جمع أحمر.
(٧) الثِّطَاطُ: بكسر الثاء جمع ثَطٍّ، وهو القليلُ شَعْرِ اللِّحْيَةِ والْحَاجِبَيْنِ. انظر النهاية (١/ ٢٠٦) - لسان العرب (٢/ ٩٧).
(٨) الْجَعْدُ: في صفات الرجال يكون مدحًا وذمًا: فالمدح معناه أَنْ يكونَ شديدَ الْأَسْرِ والخَلْقِ، وَأَمَّا الذم فهو القصيرُ المتردِّدُ الْخَلْق. انظر النهاية (١/ ٢٦٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>