للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِامْرَأَةِ هِلَالِ بْنِ أُمَيَّةَ أَنْ تَخْدِمَهُ؟

فَقُلْتُ: وَاللَّهِ لَا أَسْتَأْذِنُ فِيهَا رَسُولَ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-، وَمَا يُدْرِيني مَا يَقُولُ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- إِذَا اسْتَأْذَنْتُهُ فِيهَا، وَأَنَا رَجُلٌ شَابٌّ؟ .

قَالَ كَعْبٌ -رضي اللَّه عنه-: فَلَبِثْتُ بِذَلِكَ عَشْرَ لَيَالٍ، فَكَمُلَ لَنَا خَمْسُونَ لَيْلَةً مِنْ حِينِ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- عَنْ كَلَامِنَا، فَلَمَّا صَلَّيْتُ صَلَاةَ الفجْرِ صُبْحَ (١) خَمْسِينَ لَيْلَةً، وَأنا عَلَى ظَهْرِ بَيْتٍ مِنْ بُيُوتنَا، فبَيْنَا أنا جَالِسٌ عَلَى الْحَالِ التِي ذَكَرَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ، قَدْ ضَاقَتْ عَلَيَّ نَفْسِي، وَضَاقَتْ عَلَيَّ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ، سَمِعْتُ صَوْتَ صَارخٍ أَوْفَى (٢) عَلَى جَبَلِ سَلْعٍ (٣) بِأَعْلَى صَوْتِهِ: يَا كَعْبَ بْنَ مَالِكٍ! أَبْشِرْ.

قَالَ كَعْبٌ -رضي اللَّه عنه-: فَخَرَرْتُ سَاجِدًا، وَعَرَفْتُ أَنْ قَدْ جَاءَ فَرَجٌ.

قَالَ: فَآذَنَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- النَّاسَ بِتَوْبَةِ اللَّهِ عَلَيْنَا، حِينَ صَلَّى صَلَاةَ الفَجْرِ، فَذَهَبَ النَّاسُ يُبشِّرُونَنَا، وَذَهَبَ قبُلَ صَاحِبَيَّ مبشِّرُونَ، وَرَكَضَ إِلَيَّ رَجَل فَرَسًا، وَسَعَى سَاعٍ مِنْ أَسْلَمَ قبُلِي، فَأَوْفَى عَلَى الْجَبَلَ، فَكَانَ الصَّوْتُ أَسْرَعَ مِنَ الفرَسِ، فَلَمَّا جَاءَنِي الذِي سَمِعْتُ صَوْتَهُ يبشِّرُنِي، نَزَعْتُ له ثَوْبَيَّ فَكَسَوْتُهُ


(١) في رواية الإمام مسلم في صحيحه: صباح.
(٢) أَوْفَى: أَشْرَفَ واطَّلَعَ. انظر النهاية (٥/ ١٨٤).
(٣) قال الإمام النووي في شرح مسلم (١٧/ ٧٩): سَلْع: بفتح السِّين وسكون اللام: جبل معروف بالمدينة.

<<  <  ج: ص:  >  >>